الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }

ثم أنه تعالى فسّر المعصية والاعتداء بقوله { كَانُواْ لاَ يَتَنَـٰهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ } وللتناهي هٰهنا معنيان: أحدهما: وهو الذي عليه الجمهور أنه تفاعل من النهي، أي كانوا لا ينهى بعضهم بعضاً، روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من رضي عمل قوم فهو منهم ومن كثر سواد قوم فهو منهم ". والمعنى الثاني في التناهي: أنه بمعنى الانتهاء. يقال: انتهى عن الأمر، وتناهى عنه إذا كف عنه. ثم قال تعالى: { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } اللام في { لَبِئْسَ } لام القسم، كأنه قال: أقسم لبئس ما كانوا يفعلون، وهو ارتكاب المعاصي والعدوان، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإن قيل: الانتهاء عن الشيء بعد أن صار مفعولاً غير ممكن فلم ذمهم عليه؟ قلنا: الجواب عنه من وجوه: الأول: أن يكون المراد لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه الثاني: لا يتناهون عن منكر أرادوا فعله وأحضروا آلاته وأدواته. الثالث: لا يتناهون عن الاصرار على منكر فعلوه.