الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالُواْ يَامُوسَىۤ إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَآ أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }

وفي قوله { ٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ } وجوه: الأول: لعلّ القوم كانوا مجسمة، وكانوا يجوزون الذهاب والمجيء على الله تعالى. الثاني: يحتمل أن لا يكون المراد حقيقة الذهاب بل هو كما يقال: كلمته فذهب يجيبني، يعني يريد أن يجيبني، فكأنهم قالوا: كن أنت وربك مريدين لقتالهم، والثالث: التقدير: اذهب أنت وربك معين لك بزعمك فأضمر خبر الابتداء. فإن قيل: إذا أضمرنا الخبر فكيف يجعل قوله { فَقَاتِلا } خبراً أيضاً؟ قلنا: لا يمتنع خبر بعد خبر، والرابع: المراد بقوله { وَرَبُّكَ } أخوه هارون، وسموه رباً لأنه كان أكبر من موسى. قال المفسرون: قولهم { ٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ } إن قالوه على وجه الذهاب من مكان إلى مكان فهو كفر، وإن قالوه على وجه التمرد عن الطاعة فهو فسق، ولقد فسقوا بهذا الكلام بدليل قوله تعالى في هذه القصةفَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَـٰسِقِينَ } [المائدة: 26] والمقصود من هذه القصة شرح خلاف هؤلاء اليهود وشدة بغضهم وغلوهم في المنازعة مع أنبياء الله تعالى منذ كانوا.