وفي قوله { ٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ } وجوه: الأول: لعلّ القوم كانوا مجسمة، وكانوا يجوزون الذهاب والمجيء على الله تعالى. الثاني: يحتمل أن لا يكون المراد حقيقة الذهاب بل هو كما يقال: كلمته فذهب يجيبني، يعني يريد أن يجيبني، فكأنهم قالوا: كن أنت وربك مريدين لقتالهم، والثالث: التقدير: اذهب أنت وربك معين لك بزعمك فأضمر خبر الابتداء. فإن قيل: إذا أضمرنا الخبر فكيف يجعل قوله { فَقَاتِلا } خبراً أيضاً؟ قلنا: لا يمتنع خبر بعد خبر، والرابع: المراد بقوله { وَرَبُّكَ } أخوه هارون، وسموه رباً لأنه كان أكبر من موسى. قال المفسرون: قولهم { ٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ } إن قالوه على وجه الذهاب من مكان إلى مكان فهو كفر، وإن قالوه على وجه التمرد عن الطاعة فهو فسق، ولقد فسقوا بهذا الكلام بدليل قوله تعالى في هذه القصة{ فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَـٰسِقِينَ } [المائدة: 26] والمقصود من هذه القصة شرح خلاف هؤلاء اليهود وشدة بغضهم وغلوهم في المنازعة مع أنبياء الله تعالى منذ كانوا.