الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ }

أي لنأمرنكم بما لا يكون متعيناً للوقوع، بل بما يحتمل الوقوع ويحتمل عدم الوقوع كما يفعل المختبر، وقوله تعالى: { حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ } أي نعلم المجاهدين من غير المجاهدين ويدخل في علم الشهادة فإنه تعالى قد علمه علم الغيب وقد ذكرنا ما هو التحقيق في الابتلاء، وفي قوله { حَتَّىٰ نَعْلَمَ } وقوله { ٱلْمُجَـٰهِدِينَ } أي المقدمين على الجهاد { وَٱلصَّـٰبِرِينَ } أي الثابتين الذين لا يولون الأدبار وقوله { وَنَبْلُوَ أَخْبَـٰرَكُمْ } يحتمل وجوهاً أحدها: قولهآمنا } [البقرة: 8] لأن المنافق وجد منه هذا الخبر والمؤمن وجد منه ذلك أيضاً، وبالجهاد يعلم الصادق من الكاذب، كما قال تعالى:أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ } [الحجرات: 15] وثانيها: إخبارهم من عدم التولية في قولهوَلَقَدْ كَانُواْ عَـٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَـٰرَ } [الأحزاب: 15] إلى غير ذلك، فالمؤمن وفى بعهده وقاتل مع أصحابه في سبيل الله كأنهم بنيان مرصوص والمنافق كان كالهباء ينزعج بأدنى صيحة وثالثها: المؤمن كان له أخبار صادقة مسموعة من النبي عليه السلام كقوله تعالى:لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ } [الفتح: 27]،لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي } [المجادلة: 21]، وإن جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } [الصافات: 173] وللمنافق أخبار أراجيف كما قال تعالى في حقهموَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ } [الأحزاب: 60] فعند تحقق الإيجاف، يتبين الصدق من الإرجاف.