الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً }

ثم قال تعالى: { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مّن سَعَتِهِ }. وأعلم أنه تعالى ذكر جواز الصلح إن أرادا ذلك، فإن رغبا في المفارقة فالله سبحانه بيّـن جوازه بهذه الآية أيضاً، ووعد لهما أن يغني كل واحد منهما عن صاحبه بعد الطلاق، أو يكون المعنى أنه يغني كل واحد منهما بزوج خير من زوجه الأول، ويعيش أهنأ من عيشه الأول. ثم قال: { وَكَانَ ٱللَّهُ وٰسِعاً حَكِيماً } والمعنى أنه تعالى لما وعد كل واحد منهما بأنه يغنيه من سعته وصف نفسه بكونه واسعاً، وإنما جاز وصف الله تعالى بذلك لأنه تعالى واسع الرزق، واسع الفضل، واسع الرحمة، واسع القدرة، واسع العلم، فلو ذكر تعالى أنه واسع في كذا لاختص ذلك بذلك المذكور، ولكنه لما ذكر الواسع وما أضافه إلى شيء معين دلّ على أنه واسع في جميع الكمالات، وتحقيقه في العقل أن الموجود إما واجب لذاته، وإما ممكن لذاته، والواجب لذاته واحد وهو الله سبحانه وتعالى، وما سواه ممكن لذاته لا يوجد إلا بإيجاد الله الواجب لذاته، وإذا كان كذلك كان كل ما سواه من الموجودات فإنما يوجد بإيجاده وتكوينه، فلزم من هذا كونه واسع العلم والقدرة والحكمة، والرحمة، والفضل والجود، والكرم. وقوله { حَكِيماً } قال ابن عباس: يريد فيما حكم ووعظ وقال الكلبي: يريد فيما حكم على الزوج من إمساكها بمعروف أو تسريح بإحسان.