الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } * { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } * { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ }

وفي الآية أبحاث: البحث الأول: اعلم أنه لا نزاع في أن هذا من كلام الملائكة فإن قيل ما معنى: { ٱحْشُرُواْ } مع أنهم قد حشروا من قبل وحضروا في محفل القيامة وقالوا:هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدّينِ } [الصافات: 20] وقالت الملائكة لهم بل:هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } [الصافات: 21] أجاب القاضي عنه، فقال المراد احشروهم إلى دار الجزاء وهي النار، ولذلك قال بعده: { فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرٰطِ ٱلْجَحِيمِ } أي خذوهم إلى ذلك الطريق ودلوهم عليه ثم سأل نفسه فقال: كيف يصح ذلك وقد قال بعده { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مسئولون } ومعلوم أن حشرهم إلى الجحيم، إنما يكون بعد المسألة، وأجاب أنه ليس في العطف بحرف الواو ترتيب فلا يمتنع أن يقال احشروهم وقفوهم، مع أنا بعقولنا نعلم أن الوقوف كان قبل الحشر إلى النار، هذا ما قاله القاضي، وعندي فيه وجه آخر وهو أن يقال إنهم إذا قاموا من قبورهم لم يبعد أن يقفوا هناك بحيرة تلحقهم بسبب معاينة أهوال القيامة، ثم إن الله تعالى يقول للملائكة: احشروا الذين ظلموا واهدوهم إلى صراط الجحيم، أي سوقوهم إلى طريق جهنم وقفوهم هناك وتحصل المسألة هناك ثم من هناك يساقون إلى النار وعلى هذا التقدير فظاهر النظم موافق لما عليه الوجه. البحث الثاني: الآمر في قوله تعالى: { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } هو الله فهو تعالى أمر الملائكة أن يحشروا الكفار إلى موقف السؤال والمراد من الحشر أن الملائكة يسوقونهم إلى ذلك الموقف. البحث الثالث: أن الله أمر الملائكة بحشر ثلاثة أشياء: الظالمين، وأزواجهم، والأشياء التي كانوا يعبدونها. وفيه فوائد: الفائدة الأولى: أنه تعالى قال: { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ثم ذكر من صفات الذين ظلموا كونهم عابدين لغير الله وهذا يدل على أن الظالم المطلق هو الكافر وذلك يدل على أن كل وعيد ورد في حق الظالم فهو مصروف إلى الكفار ومما يؤكد هذا قوله تعالى:وَٱلْكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } [البقرة: 254]. الفائدة الثانية: اختلفوا في المراد بأزواجهم وفيه ثلاثة أقوال الأول: المراد بأزواجهم أشباههم أي أحزابهم ونظراؤهم من الكفر فاليهودي مع اليهودي والنصراني مع النصراني والذي يدل على جواز أن يكون المراد من الأزواج الأشباه وجوه الأول: قوله تعالى:وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلَـٰثَةً } [الواقعة: 7] أي أشكالاً وأشباهاً الثاني: أنك تقول عندي من هذا أزواج أي أمثال وتقول زوجان من الخف لكون كل واحد منهما نظير الآخر وكذلك الرجل والمرأة سميا زوجين لكونهما متشابهين في أكثر أحكام النكاح وكذلك العدد الزوج سمي بهذا الاسم لكون كل واحد من سميه مثالاً للقسم الثاني في العدد الصحيح، قال الواحدي فعلى هذا القول يجب أن يكون المراد بالذين ظلموا الرؤساء لأنك لو جعلت الذين ظلموا عاماً في كل من أشرك لم يكن للأزواج معنى القول الثاني: في تفسير الأزواج أن المراد قرناؤهم من الشياطين لقوله تعالى:

السابقالتالي
2