الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ }

في المخاطب بقوله: { بِرَبِّكُمْ } وجوه أحدها: هم المرسلون، قال المفسرون: أقبل القوم عليه يريدون قتله فأقبل وهو على المرسلين وقال: إني آمنت بربكم فاسمعوا قولي واشهدوا لي وثانيها: هم الكفار كأنه لما نصحهم وما نفعهم قال: فأنا آمنت فاسمعون وثالثها: بربكم أيها السامعون فاسمعون على العموم، كما قلنا في قول الواعظ حيث يقول: يا مسكين ما أكثر أملك وما أنزل عملك يريد به كل سامع يسمعه وفي قوله: { فَٱسْمَعُونِ } فوائد أحدها: أنه كلام مترو متفكر حيث قال: { فَٱسْمَعُونِ } فإن المتكلم إذا كان يعلم أن لكلامه جماعة سامعين يتفكر وثانيها: أنه ينبه القوم ويقول إني أخبرتكم بما فعلت حتى لا تقولوا لم أخفيت عنا أمرك ولو أظهرت لآمنا معك وثالثها: أن يكون المراد السماع الذي بمعنى القبول، يقول القائل نصحته فسمع قولي أي قبله، فإن قلت لم قال من قبل:ومالِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } [يس: 22] وقال ههنا: { آمَنتُ بِرَبِّكُمْ } ولم يقل آمنت بربي؟ نقول قولنا الخطاب مع الرسل أمر ظاهر، لأنه لما قال آمنت بربكم ظهر عند الرسل أنه قبل قولهم وآمن بالرب الذي دعوه إليه ولو قال بربي لعلهم كانوا يقولون كل كافر يقول لي رب وأنا مؤمن بربي، وأما على قولنا الخطاب مع الكفار ففيه بيان للتوحيد، وذلك لأنه لما قال:أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } [يس: 22] ثم قال: { آمَنتُ بِرَبِّكُمْ } فهم أنه يقول ربي وربكم واحد وهو الذي فطرني وهو بعينه ربكم، بخلاف ما لو قال آمنت بربي فيقول الكافر وأنا أيضاً آمنت بربي ومثل هذا قوله تعالى:ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } [الشورى: 15].