الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً }

وهو زيد أنعم الله عليه بالإسلام { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } بالتحرير والإعتاق { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } همَّ زيد بطلاق زينب فقال له النبـي أمسك أي لا تطلقها { وَٱتَّقِ ٱللَّهَ } قيل في الطلاق، وقيل في الشكوى من زينب، فإن زيداً قال فيها إنها تتكبر علي بسبب النسب وعدم الكفاءة { وَتُخْفِي فِى نِفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } من أنك تريد التزوج بزينب { وتخشى ٱلنَّاسِ } من أن يقولوا أخذ زوجة الغير أو الإبن { وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَـٰهُ } ليس إشارة إلى أن النبـي خشي الناس ولم يخش الله بل المعنى الله أحق أن تخشاه وحده ولا تخش أحداً معه وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضاً، فاجعل الخشية له وحده كما قال تعالى:ٱلَّذِينَ يُبَلّغُونَ رِسَالـٰتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ } [الأحزاب: 39]. ثم قال تعالى: { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَـٰكَهَا } أي لما طلقها زيد وانقضت عدتها وذلك لأن الزوجة ما دامت في نكاح الزوج فهي تدفع حاجته وهو محتاج إليها، فلم يقض منها الوطر بالكلية ولم يستغن وكذلك إذا كان في العدة له بها تعلق لإمكان شغل الرحم فلم يقض منها بعد وطره، وأما إذا طلق وانقضت عدتها استغنى عنها ولم يبق له معها تعلق فيقضي منها الوطر وهذا موافق لما في الشرع لأن التزوج بزوجة الغير أو بمعتدته لا يجوز فلهذا قال: { فَلَمَّا قَضَىٰ } وكذلك قوله: { لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً } أي إذا طلقوهن وانقضت عدتهن، وفيه إشارة إلى أن التزويج من النبـي عليه السلام لم يكن لقضاء شهوة النبـي عليه السلام بل لبيان الشريعة بفعله فإن الشرع يستفاد من فعل النبـي وقوله: { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } أي مقضياً ما قضاه كائن. ثم بين أن تزوجه عليه السلام بها مع أنه كان مبيناً لشرع مشتمل على فائدة كان خالياً من المفاسد.