الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }

ثم قال تعالى: { يٰنِسَاء ٱلنَّبِىّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ ٱلنّسَاء } لما ذكر أن عذابهن ضعف عذاب غيرهن وأجرهن مثلاً أجر غيرهن صرن كالحرائر بالنسبة إلى الإماء، فقال: { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ } ومعنى قول القائل ليس فلان كآحاد الناس، يعني ليس فيه مجرد كونه إنساناً، بل وصف أخص موجود فيه، وهو كونه عالماً أو عاملاً أو نسيباً أو حسيباً، فإن الوصف الأخص إذا وجد لا يبقى التعريف بالأعم، فإن من عرف رجلاً ولم يعرف منه غير كونه رجلاً يقول رأيت رجلاً فإن عرف علمه يقول رأيت زيداً أو عمراً، فكذلك قوله تعالى: { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ ٱلنّسَاء } يعني فيكن غير ذلك أمر لا يوجد في غيركن وهو كونكن أمهات جميع المؤمنين وزوجات خير المرسلين، وكما أن محمداً عليه السلام ليس كأحد من الرجال، كما قال عليه السلام: " لست كأحدكم " كذلك قرائبه اللاتي يشرفن به وبين الزوجين نوع من الكفاءة. ثم قوله تعالى: { إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ } يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون متعلقاً بما قبله على معنى لستن كأحد إن اتقيتن فإن الأكرم عند الله هو الأتقى وثانيهما: أن يكون متعلقاً بما بعده على معنى إن اتقيتن فلا تخضعن والله تعالى لما منعهن من الفاحشة وهي الفعل القبيح منعهن من مقدماتها وهي المحادثة مع الرجال والانقياد في الكلام للفاسق. ثم قوله تعالى: { فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي فسق وقوله تعالى: { وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } أي ذكر الله، وما تحتجن إليه من الكلام والله تعالى لما قال: { فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ } ذكر بعده { وَقُلْنَ } إشارة إلى أن ذلك ليس أمراً بالإيذاء والمنكر بل القول المعروف وعند الحاجة هو المأمور به لا غيره.