الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً } * { لِّيَجْزِيَ ٱللَّهُ ٱلصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ إِن شَآءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً }

إشارة إلى وفائهم بعهدهم الذي عاهدوا الله أنهم لا يفارقون نبيه إلا بالموت فمنهم من قضى نحبه أي قاتل حتى قتل فوفى بنذره والنحب النذر، ومنهم من هو بعد في القتال ينتظر الشهادة وفاء بالعهد وما بدلوا تبديلاً بخلاف المنافقين فإنهم قالوا لا نولي الأدبار فبدلوا قولهم وولوا أدبارهم وقوله: { لّيَجْزِىَ ٱللَّهُ ٱلصَّـٰدِقِينَ بِصِدْقِهِمْ } أي بصدق ما وعدهم في الدنيا والآخرة كما صدقوا مواعيدهم ويعذب المنافقين الذين كذبوا واخلفوا وقوله: { إِن شَاء } ذلك فيمنعهم من الإيمان أو يتوب عليهم إن أراد، وإنما قال ذلك حيث لم يكن قد حصل يأس النبـي عليه الصلاة والسلام عن إيمانهم وآمن بعد ذلك ناس منهم وقوله: { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } حيث ستر ذنوبهم و { رَّحِيماً } حيث رحمهم ورزقهم الإيمان فيكون هذا فيمن آمن بعده أو نقول: { وَيُعَذّبَ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ } مع أنه كان غفوراً رحيماً لكثرة ذنبهم وقوة جرمهم ولو كان دون ذلك لغفر لهم ثم بين بعض ما جازاهم الله به على صدقهم فقال: { وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ } أي مع غيظهم لم يشفوا صدراً ولم يحققوا أمراً { وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ } أي لم يحوجهم إلى قتال { وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً } غير محتاج إلى قتالهم عزيزاً قادراً على استئصال الكفار وإذلالهم.