الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

النوع الخامس ـ ما يتعلق بالحشر والنشر اعلم أنه تعالى لما عدد نعم الدنيا أتبع ذلك بنعم الآخرة بقوله: { أَمَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ } لأن نعم الآخرة بالثواب لا تتم إلا بالإعادة بعد الابتداء والإبلاغ إلى حد التكليف فقد تضمن الكلام كل هذه النعم، ومعلوم أنها لا تتم إلا بالأرزاق فلذلك قال: { وَمَن يَرْزُقُكُم مّنَ ٱلسَّمَاء وٱلأَرْضِ } ، ثم قال: { أإله مَّعَ ٱللهِ } منكراً لما هم عليه، ثم بين بقوله: { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } أن لا برهان لكم فإذن هم مبطلون، وهذا يدل على أنه لا بد في الدعوى من وعلى فساد التقليد، فإن قيل كيف قيل لهم: { أَم مَّنْ يبدؤ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } وهم منكرون للإعادة؟ جوابه: كانوا معترفين بالابتداء، ودلالة الابتداء على الإعادة دلالة ظاهرة قوية، فلما كان الكلام مقروناً بالدلالة الظاهرة صاروا كأنهم لم يبق لهم عذر في الإنكار، وههنا آخر الدلائل المذكورة على كمال قدرة الله تعالى.