الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } * { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ }

اعلم أن في الكلام حذفاً وهو أنهما أتياه وقالا ما أمر الله به فعند ذلك قال فرعون ما قال، يروى أنهما انطلقا إلى باب فرعون فلم يؤذن لهما سنة حتى قال البواب: إن ههنا إنساناً يزعم أنه رسول رب العالمين، فقال ائذن له لعلنا نضحك منه، فأديا إليه الرسالة فعرف موسى عليه السلام فعدد عليه نعمه أولاً، ثم إساءة موسى إليه ثانياً، أما النعم فهي قوله: { أَلَمْ نُرَبّكَ فِينَا وَلِيداً } والوليد: الصبي لقرب عهده من الولادة { وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ } وعن أبي عمرو بسكون الميم { سِنِينَ } قيل لبث عندهم ثلاثين سنة وقيل وكز القبطي وهو ابن اثنتي عشرة سنة وفر منهم على أثرها، والله أعلم بصحيح ذلك، وعن الشعبي { فَعْلَتَكَ } بالكسر وهي قتله القبطي لأنه قتله بالوكز وهو ضرب من القتل، وأما الفعلة فلأنها كانت وكزة واحدة عدد عليه نعمه من تربيته وتبليغه مبلغ الرجال ووبخه بما جرى على يده من قتل خبازه وعظم ذلك وفظعه بقوله: { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِى فَعَلْتَ }. وأما قوله: { وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } ففيه وجوه: أحدها: يجوز أن يكون حالاً أي قتلته وأنت بذاك من الكافرين بنعمتي وثانيها: وأنت إذ ذاك ممن تكفرهم الساعة وقد افترى عليه أو جهل أمره لأنه كان يعاشرهم بالتقية فإن الكفر غير جائز على الأنبياء قبل النبوة وثالثها: { وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } معناه وأنت ممن عادته كفران النعم ومن كان هذا حاله لم يستبعد منه قتل خواص ولي نعمته ورابعها: { وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } بفرعون وإلهيته أو من الذين كانوا يكفرون في دينهم فقد كانت لهم آلهة يعبدونها، يشهد بذلك قوله تعالى:وَيَذَرَكَ وَءالِهَتَكَ } [الأعراف: 127].