الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

إعلم أن قوله تعالى: { ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي } رفعهما على الابتداء والخبر محذوف عند الخليل وسيبويه على معنى: فيما فرض الله عليكم الزانية والزاني أي فاجلدوهما، ويجوز أن يكون الخبر فاجلدوا وإنما دخلت الفاء لكون الألف واللام بمعنى الذي وتضمنه معنى الشرط تقديره التي زنت والذي زنى فاجلدوهما كما تقول من زنا فاجلدوه، وقرىء بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر، وقرىء والزان بلا ياء، واعلم أن الكلام في هذه الآية على نوعين: أحدهما: ما يتعلق بالشرعيات والثاني: ما يتعلق بالعقليات ونحن نأتي على البابين بقدر الطاقة إن شاء الله تعالى. النوع الأول: الشرعيات، واعلم أن الزنا حرام وهو من الكبائر ويدل عليه أمور: أحدها: أن الله تعالى قرنه بالشرك وقتل النفس في قوله تعالى:وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءَاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذلك يلق آثاماً } [الفرقان: 68] وقال:وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } [الإسراء: 32]، وثانيها: أنه تعالى أوجب المائة فيها بكمالها بخلاف حد القذف وشرب الخمر، وشرع فيه الرجم، ونهى المؤمنين عن الرأفة وأمر بشهود الطائفة للتشهير وأوجب كون تلك الطائفة من المؤمنين، لأن الفاسق من صلحاء قومه أخجل وثالثها: ما روى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يا معشر الناس اتقوا الزنا فإن فيه ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، أما التي في الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر، وأما التي في الآخرة فسخط الله سبحانه وتعالى وسوء الحساب وعذاب النار " وعن عبد الله قال قلت يا رسول الله: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: " أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت ثم أي؟ قال، وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك قلت: ثم أي؟ قال: وأن تزني بحليلة جارك " فأنزل الله تعالى تصديقها:وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءَاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ } [الفرقان: 68] واعلم أنه يجب البحث في هذه الآية عن أمور: أحدها: عن ماهية الزنا وثانيها: عن أحكام الزنا وثالثها: عن الشرائط المعتبرة في كون الزنا موجباً لتلك الأحكام ورابعها: عن الطريق الذي به يعرف حصول الزنا وخامسها: أن المخاطبين بقوله:فَٱجْلِدُوهُمْ } [النور: 4] من هم؟ وسادسها: أن الرجم والجلد المأمور بهما في الزنا كيف يكون حالهما؟. البحث الأول: عن ماهية الزنا قال بعض أصحابنا إنه عبارة عن إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعاً محرم قطعاً وفيه مسائل: المسألة الأولى: اختلفوا في أن اللواطة هل ينطلق عليها اسم الزنا أم لا؟ فقال قائلون نعم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد