الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

النوع السابع اعلم أنه سبحانه لما بين ما على أهل الإفك وما على من سمع منهم، وما ينبغي أن يتمسكوا به من آداب الدين أتبعه بقوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَـٰحِشَةُ } ليعلم أن من أحب ذلك فقد شارك في هذا الذم كما شارك فيه من فعله ومن لم ينكره، وليعلم أن أهل الأفك كما عليهم العقوبة فيما أظهروه، فكذلك يستحقون العقاب بما أسروه من محبة إشاعة الفاحشة في المؤمنين، وذلك يدل على وجوب سلامة القلب للمؤمنين كوجوب كف الجوارح والقول عما يضربهم، وههنا مسائل: المسألة الأولى: معنى الإشاعة الانتشار يقال في هذا العقار سهم شائع إذا كان في الجميع ولم يكن منفصلاً، وشاع الحديث إذا ظهر في العامة. المسألة الثانية: لا شك أن ظاهر قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ } يفيد العموم وأنه يتناول كل من كان بهذه الصفة، ولا شك أن هذه الآية نزلت في قذف عائشة إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فوجب إجراؤها على ظاهرها في العموم، ومما يدل على أنه لا يجوز تخصيصها بقذفة عائشة قوله تعالى في: { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } فإنه صيغة جمع ولو أراد عائشة وحدها لم يجز ذلك، والذين خصصوه بقذفة عائشة منهم من حمله على عبدالله بن أبي، لأنه هو الذي سعى في إشاعة الفاحشة قالوا معنى الآية: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ } والمراد عبدالله أن تشيع الفاحشة أي الزنا في الذين آمنوا أي في عائشة وصفوان. المسألة الثالثة: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إني لأعرف قوماً يضربون صدورهم ضرباً يسمعه أهل النار، وهم الهمازون اللمازون الذين يلتمسون عورات المسلمين ويهتكون ستورهم ويشيعون فيهم من الفواحش ما ليس فيهم " وعنه عليه الصلاة والسلام: " لا يستر عبد مؤمن عورة عبد مؤمن إلا ستره الله يوم القيامة ومن أقال مسلماً صفقته أقال الله عثرته يوم القيامة ومن ستر عورته ستر الله عورته يوم القيامة " وعنه عليه الصلاة والسلام: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه " وعن عبدالله بن عمر عنه عليه الصلاة والسلام قال: " من سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويحب أن يؤتى إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه " وعن أنس قال: قال عليه الصلاة والسلام: " لا يؤمن العبد حتى يجب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير "

السابقالتالي
2