الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { وَقُل رَّبِّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ }

اعلم أنه سبحانه لما بين أنه هو الملك الحق لا إله إلا هو أتبعه بأن من ادعى إلهاً آخر فقد ادعى باطلاً من حيث لا برهان لهم فيه، ونبه بذلك على أن كل ما لا برهان فيه لا يجوز إثباته، وذلك يوجب صحة النظر وفساد التقليد ثم ذكر أن من قال بذلك فجزاؤه العقاب العظيم بقوله: { فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ } كأنه قال إن عقابه بلغ إلى حيث لا يقدر أحد على حسابه إلا الله تعالى وقرىء أنه لا يفلح بفتح الهمزة ومعناه حسابه عدم الفلاح جعل فاتحة السورةقَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [المؤمنون: 1] وخاتمتها { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَـٰفِرُونَ } فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة. ثم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول رب اغفر وارحم ويثني عليه بأنه خير الراحمين، وقد تقدم بيان أنه سبحانه خير الراحمين فإن قيل كيف تتصل هذه الخاتمة بما قبلها؟ قلنا لأنه سبحانه لما شرح أحوال الكفار في جهلهم في الدنيا وعذابهم في الآخرة أمر بالانقطاع إلى الله تعالى والالتجاء إلى دلائل غفرانه ورحمته، فإنهما هما العاصمان عن كل الآفات والمخافات، وروي أن أول سورة { قَدْ أَفْلَحَ } وآخرها من كنوز العرش من عمل بثلاث آيات من أولها، واتعظ بأربع من آخرها فقد نجا وأفلح. والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب والحمد لله وحده وصلاته على خير خلقه سيدنا محمد وآله وأصحابه وأزواجه وعترته وأهل بيته.