الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

في الآية مسألتان: المسألة الأولى: { ٱللَّغْوَ } الساقط الذي لا يعتد به، سواء كان كلاماً أو غيره، أما ورود هذه اللفظة في الكلام، فيدل عليه الآية والخبر والرواية، أما الآية فقوله تعالى:وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ } [القصص: 55] وقوله:اَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } [الواقعة: 25] وقوله:لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ والغوا فيه } [فصلت: 26] وقوله:لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لَـٰغِيَةً } [الغاشية: 11] أما قوله:وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً } [الفرقان: 72] فيحتمل أن يكون المراد، وإذا مروا بالكلام الذي يكون لغواً، وأن يكون المراد، وإذا مروا بالفعل الذي يكون لغواً. وأما الخبر فقوله صلى الله عليه وسلم: " من قال يوم الجمعة لصاحبه صه والإمام يخطب فقد لغا ". وأما الرواية فيقال: لغا الطائر يلغو لغواً إذا صوت، ولغو الطائر تصويته، وأما ورود هذا اللفظ في غير الكلام، فهو أنه يقال لما لا يعتد به من أولاد الإبل: لغو، قال جرير:
يعد الناسبون بني تميم   بيوت المجد أربعة كباراً
وتخرج منهم المرئى لغواً   كما ألغيت في الدية الحوارا
وقال العجاج:
ورب أسراب حجيج كظم   عن اللغا ورفث التكلم
قال الفراء: اللغا، مصدر للغيت، و { ٱللَّغْوَ } مصدر للغوت، فهذا ما يتعلق باللغة. أما المفسرون فقد ذكروا وجوهاً الأول: قال الشافعي رضي الله عنه: إنه قول العرب: لا والله، وبلى والله، مما يؤكدون به كلامهم ولا يخطر ببالهم الحلف، ولو قيل لواحد منهم: سمعتك اليوم تحلف في المسجد الحرام ألف مرة لأنكر ذلك، ولعله قال: لا والله ألف مرة والثاني: وهو قول أبـي حنيفة رضي الله عنه: أن اللغو هو أن يحلف على شيء يعتقد أنه كان ثم بان أنه لم يكن فهذا هو اللغو، وفائدة هذا الإختلاف أن الشافعي لا يوجب الكفارة في قول الرجل لا والله وبلى والله ويوجبها فيما إذا حلف على شيء يعتقد أنه كان ثم بان أنه لم يكن، وأبو حنيفة يحكم بالضد من ذلك ومذهب الشافعي هو قول عائشة، والشعبـي، وعكرمة، وقول أبـي حنيفة هو قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والنخعي والزهري، وسليمان بن يسار، وقتادة، والسدي، ومكحول، حجة الشافعي رضي الله عنه على قوله وجوه الأول: ما روت عائشة رضي الله عنها عن النبـي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لغو اليمين قول الرجل في كلامه كلا والله، وبلى والله، ولا والله " وروي أنه صلى الله عليه وسلم مر بقوم ينتضلون، ومعه رجل من أصحابه فرمى رجل من القوم، فقال: أصبت والله، ثم أخطأ، ثم قال الذي مع النبـي صلى الله عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3 4