الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } * { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً }

" والله كأني أنظر إلى مصارع القوم " ثم أخذ يقول: " هذا مصرع فلان هذا مصرع فلان " فلما سمعت قريش ذلك جعلوا رؤياه سخرية، وكانوا يستعجلون بما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. والقول الثاني: أن المراد رؤياه التي رآها أنه يدخل مكة وأخبر بذلك أصحابه، فلما منع عن البيت الحرام عام الحديبية كان ذلك فتنة لبعض القوم، وقال عمر لأبي بكر أليس قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ندخل البيت ونطوف به، فقال أبو بكر إنه لم يخبر أنا نفعل ذلك في هذه السنة فسنفعل ذلك في سنة أخرى، فلما جاء العام المقبل دخلها، وأنزل الله تعالى:لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّؤْيَا بِٱلْحَقّ } [الفتح: 27] اعترضوا على هذين القولين فقالوا: هذه السورة مكية، وهاتان الواقعتان مدنيتان، وهذا السؤال ضعيف لأن هاتين الواقعتين مدنيتان أما رؤيتهما في المنام فلا يبعد حصولها في مكة. والقول الثالث: قال سعيد بن المسيب رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء والإشكال المذكور عائد فيه لأن هذه الآية مكية وما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة منبر، ويمكن أن يجاب عنه بأنه لا يبعد أن يرى بمكة أن له بالمدينة منبراً يتداوله بنو أمية. والقول الرابع: وهو الأصح وهو قول أكثر المفسرين أن المراد بها ما أراه الله تعالى ليلة الإسراء، واختلفوا في معنى هذه الرؤيا فقال الأكثرون: لا فرق بين الرؤية والرؤيا في اللغة، يقال رأيت بعيني رؤية ورؤيا، وقال الأقلون: هذا يدل على أن قصة الإسراء إنما حصلت في المنام، وهذا القول ضعيف باطل على ما قررناه في أول هذه السورة، وقوله: { إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ } معناه: أنه عليه الصلاة والسلام لما ذكر لهم قصة الإسراء كذبوه وكفر به كثير ممن كان آمن به وازداد المخلصون إيماناً فلهذا السبب كان امتحاناً. ثم قال تعالى: { وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْءانِ } وهذا على التقديم والتأخير، والتقدير: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس وقيل المعنى: والشجرة الملعونة في القرآن كذلك. واختلفوا في هذه الشجرة، فالأكثرون قالوا: إنها شجرة الزقوم المذكورة في القرآن في قوله:إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } [الدخان: 43، 44] وكانت هذه الفتنة في ذكر هذه الشجرة من وجهين: الأول: أن أبا جهل قال: زعم صاحبكم بأن نار جهنم تحرق الحجر حيث قال:وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ } [التحريم: 6] ثم يقول: بأن في النار شجراً والنار تأكل الشجر فكيف تولد فيها الشجر.

PreviousNext
1 2 4