الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ }

[31] { وَلَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سًيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ بَل لِّلَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَاْيْئَسِ ٱلَّذِينَ ءَامنُواْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ ٱلذِينَ كَفُرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حتىٰ يأَتِىَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } اعلم أنه روي أن أهل مكة قعدوا في فناء مكة، فأتاهم الرسول صلى الله عليه وسلم وعرض الإسلام عليهم، فقال له عبد الله بن أمية المخزومي: سير لنا جبال مكة حتى ينفسخ المكان علينا واجعل لنا فيها أنهاراً نزرع فيها، أو أَحْي لنا بعض أمواتنا لنسألهم أحق ما تقول أو بطال، فقد كان عيسى يحيى الموتى، أو سخر لنا الريح حتى نركبها ونسير في البلاد فقد كانت الريح مسخرة لسليمان فلست بأهون على ربك من سليمان، فنزل قوله: { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال } أي من أماكنها { أو قطعت به الأرض } أي شققت فجعلت أنهاراً وعيوناً { أو كلم به الموتى } لكان هو هذا القرآن الذي أنزلناه عليك. وحذف جواب «لو» لكونه معلوماً، وقال الزجاج: المحذوف هو أنه { لو أن قرآناً سيرت به الجبال } وكذا وكذا لما آمنوا به كقوله:ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى } [الأنعام: 111]. ثم قال تعالى: { بل لله الأمر جميعاً } يعني إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، وليس لأحد أن يتحكم عليه في أفعاله وأحكامه. ثم قال تعالى: { أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً } وفيه مسألتان: المسألة الأولى: في قوله: { أفلم ييأس } قولان: القول الأول: أفلم يعلموا وعلى هذا التقدير ففيه وجهان: الوجه الأول: { ييأس } يعلم في لغة النخع وهذا قول أكثر المفسرين مثل مجاهد والحسن وقتادة. واحتجوا عليه بقول الشاعر:
ألم ييأس الأقوام أني أنا ابنه   وإن كنت عن أرض العشيرة نائياً
وأنشد أبو عبيدة:
أقول لهم بالشعب إذ يأسرونني   إلم تيأسوا أني ابن فارس زهدم
أي ألم تعلموا. وقال الكسائي: ما وجدت العرب تقول يئست بمعنى علمت ألبته. والوجه الثاني: ما روي أن علياً وابن عباس كانا يقرآن: { أفلم يأس الذين آمنوا } فقيل لابن عباس أفلم ييأس فقال: أظن أن الكاتب كتبها وهو ناعس أنه كان في الخط يأس فزاد الكاتب سنة واحدة فصار ييأس فقرىء ييأس وهذا القول بعيد جداً لأنه يقتضي كون القرآن محلاً للتحريف والتصحيف وذلك يخرجه عن كونه حجة قال صاحب «الكشاف»: ما هذا القول والله إلا فرية بلا مرية. والقول الثاني: قال الزجاج: المعنى أو يئس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء لأن الله لو شاء لهدى الناس جميعاً.

السابقالتالي
2