الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

اعلم أنه قرأ حفص عن عاصم { نُوحِى } بالنون، والباقون بالياء { أَفَلاَ يَعْقِلُونَ } قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو، ورواية حفص عن عاصم: { تَعْقِلُونَ } بالتاء على الخطاب، والباقون: بالياء على الغائب. واعلم أن من جملة شبه منكري نبوته عليه الصلاة والسلام أن الله لو أراد إرسال رسول لبعث ملكاً، فقال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ مّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } فلما كان الكل هكذا فكيف تعجبوا في حقك يا محمد والآية تدل على أن الله ما بعث رسولاً إلى الحق من النسوان وأيضاً لم يبعث رسولاً من أهل البادية. قال عليه الصلاة والسلام: " من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل " ثم قال: { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلاْرْضِ فَيَنظُرُواْ } إلى مصارع الأمم المكذبة وقوله: { وَلَدَارُ ٱلاْخِرَةِ خَيْرٌ } والمعنى دار الحالة الآخرة، لأن للناس حالتين حال الدنيا وحال الآخرة، ومثله قوله صلاة الأولى أي صلاة الفريضة الأولى، وأما بيان أن الآخرة خير من الأولى فقد ذكرنا دلائله مراراً.