الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } * { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } * { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } * { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } * { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } * { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } * { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } * { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } * { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب }

{ كَلاَّ } ردع لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه، وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه { أَن رَّءاهُ } أن رأى نفسه. يقال في أفعال القلوب رأيتني وعلمتني، وذلك بعض خصائصها. ومعنى الرؤية العلم، ولو كانت بمعنى الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين. و { ٱسْتَغْنَىٰۤ } هو المعفول الثاني { إِنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلرُّجْعَىٰۤ } واقع على طريقة الالتفات إلى الإنسان، تهديداً له وتحذيراً من عاقبة الطغيان. والرجعى مصدر كالبشرى بمعنى الرجوع. وقيل نزلت في أبي جهل. وكذلك { أَرَءَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ9 } وروي 1322 أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتزعم أن من استغنى طغى، فاجعل لنا جبال مكة فضة وذهباً، لعلنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا ونتبع دينك، فنزل جبريل فقال إن شئت فعلنا ذلك، ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة، فكفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء إبقاء عليهم. وروي عنه لعنه الله أنه قال 1323 هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا نعم. قال فوالذي يحلف به، لئن رأيته توطأت عنقه، فجاءه ثم نكص على عقبيه، فقالوا له مالك يا أبا الحكم، فقال إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة { أَرءَيْتَ ٱلَّذِى يَنْهَىٰ9 } ومعناه أخبرني عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة الله. أو كان آمراً بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد، وكذلك إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الدين الصحيح، كما نقول نحن { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ14 } ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك. وهذا وعيد. فإن قلت ما متعلق أرأيت؟ قلت الذي ينهى مع الجملة الشرطية، وهما في موضع المفعولين. فإن قلت فأين جواب الشرط؟ قلت هو محذوف، تقديره إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى، ألم يعلم بأن الله يرى؟ وإنما حذف لدلالة ذكره في جواب الشرط الثاني. فإن قلت فكيف صحّ أن يكون { أَلَمْ يَعْلَم } جواباً للشرط؟ قلت كما صحّ في قولك إن أكرمتك أتكرمني؟ وإن أحسن إليك زيد هل تحسن إليه؟ فإن قلت فما أرأيت الثانية وتوسطها بين مفعول أرأيت؟ قلت هي زائدة مكرّرة للتوكيد. وعن الحسن أنه أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة { كَلاَّ } ردع لأبي جهل وخسوء له عن نهيه عن عبادة الله تعالى وأمره بعبادة اللات، ثم قال { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ } عما هو فيه { لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار. والسفع القبض على الشيء وجذبه بشدّة. قال عمرو بن معديكرب

السابقالتالي
2