الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ مَغْرَمًا } غرامة وخسراناً. والغرامة ما ينفقه الرجل وليس يلزمه، لأنه لا ينفق إلاّ تقية من المسلمين ورياء، لا لوجه الله عزّ وجلّ وابتغاء المثوبة عنده { وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ } دوائر الزمان دوله وعقبه لتذهب غلبتكم عليه ليتخلص من إعطاء الصدقة { عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ ٱلسَّوْء } دعاء معترض، دعى عليهم بنحو ما دعوا به، كقوله عزّ وجلّقَالَتْ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ } المائدة 64 وقرىء «السُّوء» بالضم وهو العذاب، كما قيل له سيئة. والسوء بالفتح، وهو ذمّ للدائرة، كقولك رجل سوء، في نقيض قولك رجل صدق، لأنّ من دارت عليه ذامّ لها { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ } لما يقولون إذا توجهت عليهم الصدقة { عَلِيمٌ } بما يضمرون. وقيل هم أعراب أسد وغطفان وتميم { قُرُبَـٰتٍ } مفعول ثان ليتخذ. والمعنى أنّ ما ينفقه سبب لحصول القربات عند الله { وَصَلَوٰتِ ٱلرَّسُولِ } لأنّ الرسول كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم، كقوله 486 " اللَّهم صلّ على آل أبي أوفى " وقال تعالىوَصَلّ عَلَيْهِمْ } التوبة 103 فلما كان ما ينفق سبباً لذلك قيل يتخذ ما ينفق قربات وصلوات { أَلاۤ إِنَّهَا } شهادة من الله للمتصدق بصحة ما اعتقد من كون نفقته قربات وصلوات وتصديق لرجائه على طريق الاستئناف، مع حرفي التنبيه والتحقيق المؤذنين بثبات الأمر وتمكنه، وكذلك { سَيُدْخِلُهُمُ } وما في السين من تحقيق الوعد، وما أدلّ هذا الكلام على رضا الله تعالى عن المتصدقين، وأن الصدقة منه بمكان إذا خلصت النية من صاحبها. وقرىء «قُربة» بضم الراء. وقيل هم عبد الله وذو البجادين ورهطه.