الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

فإن قلت { رَضُواْ } ما موقعه؟ قلت هو استئناف، كأنه قيل ما بالهم استأذنوا وهم أغنياء؟ فقيل رضوا بالدناءة والضعة والانتظام في جملة الخوالف { وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } يعني أن السبب في استئذانهم رضاهم بالدناءة وخذلان الله تعالى إياهم. فإن قلت فهل يجوز أن يكون قوله { قُلْتَ لاَ أَجِدُ } استئنافاً مثله، كأنه قيل إذا ما أتوك لتحملهم تولوا، فقيل ما لهم تولوا باكين؟ فقيل قلت لا أجد ما أحملكم عليه. إلاّ أنه وسط بين الشرط والجزاء كالاعتراض { قُلْتَ } نعم ويحسن { لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ } علة للنهي عن الاعتذار لأن غرض المعتذر أن يصدق فيما يعتذر به، فإذا علم أنه مكذب وجب عليه الإخلال وقوله { قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ } علة لانتفاء تصديقهم لأنّ الله عزّ وجلّ إذا أوحى إلى رسوله الإعلام بأخبارهم وما في ضمائرهم من الشرّ والفساد، لم يستقم مع ذلك تصديقهم في معاذيرهم { وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ } أتنيبون أم تثبتون على كفركم { ثُمَّ تُرَدُّونَ } إليه وهو عالم كل غيب وشهادة وسرّ وعلانية، فيجازيكم على حسب ذلك.