الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

477 سأل عبد الله بن عبد الله بن أبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـــ وكان رجلاً صالحاً ـــ أن يستغفر لأبيه في مرضه ففعل، فنزلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنَّ الله قد رخص لي فسأزيد على السبعين " فنزلتسَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } المنافقون 6 وقد ذكرنا أن هذا الأمر في معنى الخبر، كأنه قيل لن يغفر الله لهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، وإن فيه معنى الشرط، وذكرنا النكتة في المجيء به على لفظ الأمر، والسبعون جار مجرى المثل في كلامهم للتكثير، قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام
لاّصْبَحَنَّ الْعَاصِ وَابْنَ الْعَاصِي سَبْعِينَ أَلْفاً عَاقِدِي النَّوَاصِي   
فإن قلت كيف خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفصح العرب وأخبرهم بأساليب الكلام وتمثيلاته، والذي يفهم من ذكر هذا العدد كثرة الاستغفار، كيف وقد تلاه بقوله { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ }... الآية فبين الصارف عن المغفرة لهم حتى قال «قد رخص لي ربي فسأزيد على السبعين» قلت لم يخف عليه ذلك، ولكنه خيل بما قال إظهاراً لغاية رحمته ورأفته على من بعث إليه، كقول إبراهيم عليه السلاموَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } إبراهيم 36 وفي إظهار النبي صلى الله عليه وسلم الرأفة والرحمة لطف لأمّته ودعاء لهم إلى ترحم بعضهم على بعض.