الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ } محله النصب أو الرفع على الذمّ. ويجوز أن يكون في محل الجرّ بدلاً من الضمير في سرهم ونجواهم. وقرىء «يلمزون»، بالضم { ٱلْمُطَّوّعِينَ } المتطوّعين المتبرعين. روي 476 أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حثّ على الصدقة فجاء عبد الرحمٰن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب. وقيل بأربعة آلاف درهم وقال كان لي ثمانية آلاف، فأقرضت ربي أربعة وأمسكت أربعة لعيالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت " - فبارك الله له حتى صولحت تماضر امرأته عن ربع الثمن على ثمانين ألفاً - وتصدّق عاصم بن عديّ بمائة وسق من تمر، وجاء أبو عقيل الأنصاري رضي الله عنه بصاع من تمر فقال بتّ ليلتي أجرّ بالجرير على صاعين، فتركت صاعاً لعيالي، وجئت بصاع فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينثره على الصدقات، فلمزهم المنافقون وقالوا ما أعطى عبد الرحمٰن وعاصم إلاّ رياء، وإن كان الله ورسوله لغنيين عن صاع أبي عقيل، ولكنه أحبّ أن يذكر بنفسه ليعطي من الصدقات، فنزلت { إِلاَّ جُهْدَهُمْ } إلاّ طاقتهم. قرىء بالفتح والضم { سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ } كقولهٱللَّهُ يَسْتَهْزِىء بِهِمْ } البقرة 15 في أنه دعاء. ألا ترى إلى قوله { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.