الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ } * { وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

و لما وبخهم الله على ترك القتال، جرّد لهم الأمر به فقال { قَـٰتِلُوهُمْ } ووعدهم - ليثبت قلوبهم ويصحح نياتهم - أنه يعذبهم بأيديهم قتلاً، ويخزيهم أسراً، ويوليهم النصر والغلبة عليهم { وَيَشْفِ صُدُورَ } طائفة من المؤمنين، وهم خزاعة، قال ابن عباس رضي الله عنه هم بطون من اليمن وسبأ قدموا مكة فأسلموا، فلقوا من أهلها أذى شديداً، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون إليه، فقال " أبشروا فإن الفرج قريب " { وَيُذْهِبْ غَيْظَ } قلوبكم لما لقيتم منهم من المكروه، وقد حصّل الله لهم هذه المواعيد كلها، فكان ذلك دليلاً على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحة نبوته { وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَاء } ابتداء كلام، وإخبار بأن بعض أهل مكة يتوب عن كفره، وكان ذلك أيضاً، فقد أسلم ناس منهم وحسن إسلامهم، وقرىء «ويتوب» بالنصب بإضمار «أن» ودخول التوبة في جملة ما أجيب به الأمر من طريق المعنى { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } يعلم ما سيكون كما يعلم ما قد كان { حَكِيمٌ } لا يفعل إلاّ ما اقتضته الحكمة.