الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } * { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ }

حذف جواب إذا ليذهب المقدر كل مذهب أو اكتفاء بماعلم في مثلها من سورتي التكوير والانفطار. وقيل جوابها ما دلّ عليه فملاقيه أي إذا السماء انشقت لاقى الإنسان كدحه. ومعناه إذا انشقت بالغمام، كقوله تعالىوَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَاء بِٱلْغَمَـٰمِ } الفرقان 25، وعن علي رضي الله عنه تنشق من المجرّة أذن له استمع له. ومنه قوله عليه السلام 1279 " ما أذن الله لشيء كأذنه لنبيّ يتغنى بالقرآن " وقول حجاف بن حكيم
أَذِنْتُ لَكُمْ لَمَّا سَمِعْتُ هَرِيرَكُمْ   
والمعنى أنها فعلت في انقيادها لله حين أراد انشقاقها فعل المطواع الذي إذا ورد عليه الأمر من جهة المطاع أنصت له وأذعن ولم يأب ولم يمتنع، كقولهأَتَيْنَا طَائِعِينَ } فصلت 11، { وَحُقَّتْ } من قولك هو محقوق بكذا وحقيق به، يعني وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع. ومعناه الإيذان بأنّ القادر بالذات يجب أن يتأتى له كل مقدور ويحق ذلك { مُدَّتْ } من مدّ الشيء فامتدّ وهو أن تزال جبالها وآكامها وكل أمت فيها، حتى تمتدّ وتنبسط ويستوي ظهرها، كما قال تعالىقَاعاً صَفْصَفاً لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً } طه 106 ــ 107، وعن ابن عباس رضي الله عنهما مدّت مدّ الأديم العكاظي لأن الأديم إذا مدّ زال كل انثناء فيه وأمت واستوى أو من مدّه بمعنى أمدّه، أي زيدت سعة وبسطة { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا } ورمت بما في جوفها مما دفن فيها من الموتى والكنوز { وَتَخَلَّتْ } وخلت غاية الخلو حتى لم يبق شيء في باطنها، كأنها تكلفت أقصى جهدها في الخلو، كما يقال تكرم الكريم، وترحم الرحيم إذا بلغا جهدهما في الكرم والرحمة، وتكلفا فوق ما في طبعهما { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } في إلقاء ما في بطنها وتخليها.