الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ } * { وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } * { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ }

الشفق الحمرة التي ترى في المغرب بعد سقوط الشمس، وبسقوطه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العتمة عند عامة العلماء، إلا ما يروى عن أبي حنيفة رضي الله عنه في إحدى الروايتين أنه البياض. وروى أسد بن عمرو أنه رجع عنه، سمي لرقته. ومنه الشفقة على الإنسان رقة القلب عليه { وَمَا وَسَقَ } وما جمع وضم، يقال وسقه فاتسق واستوسق. قال
مُسْتَوْسِقَاتٌ لَوْ يَجِدْنَ سَائِقَا   
ونظيره في وقوع افتعل واستفعل مطاوعين اتسع واستوسع. ومعناه وما جمعه وستره وآوى إليه من الدواب وغيرها { إِذَا ٱتَّسَقَ } إذا اجتمع واستوى ليلة أربع عشرة. قرىء «لتركبن» على خطاب الإنسان في { يٰۤأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ } ولنركبن، بالضم على خطاب الجنس، لأن النداء للجنس ولتركبن بالكسر على خطاب النفس، وليركبن بالياء على ليركبن الإنسان. والطبق ما طابق غيره. يقال ما هذا بطبق لذا، أي لا يطابقه. ومنه قيل للغطاء الطبق. وإطباق الثرى ما تطابق منه، ثم قيل للحال المطابقة لغيرها طبق. ومنه قوله عز وعلا { طَبَقاً عَن طَبقٍ } أي حالاً بعد حال كل واحدة مطابقة لأختها في الشدّة والهول ويجوز أن يكون جمع طبقة وهي المرتبة، من قولهم هو على طبقات. ومنه طبق الظهر لفقاره الواحدة طبقة، على معنى لتركبنّ أحوالا بعد أحوال هي طبقات في الشدّة بعضها أرفع من بعض وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة وأهوالها. فإن قلت ما محل عن طبق؟ قلت النصب على أنه صفة لطبقاً، أي طبقا مجاوزاً لطبق. أو حال من الضمير في لتركبنّ، أي لتركبن طبقاً مجاوزين لطبق. أو مجاوزاً أو مجاوزة، على حسب القراءة وعن مكحول كل عشرين عاماً تجدون أمراً لم تكونوا عليه.