الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } * { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

قيل نزلت في المطعمين يوم بدر، كان يطعم كل واحد منهم كلّ يوم عشر جزائر. وقيل قالوا لكل من كان له تجارة في العير أعينوا بهذا المال على حرب محمد، لعلنا ندرك منه ثأرنا بما أصيب منا ببدر. وقيل نزلت في أبي سفيان وقد استأجر ليوم أحد ألفين من الأحابيش سوى من استجاش من العرب، وأنفق عليهم أربعين أوقية. والأوقية اثنان وأربعون مثقالاً { لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي كان غرضهم في الإنفاق الصدّ عن اتباع محمد وهو سبيل الله، وإن لم يكن عندهم كذلك { ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } أي تكون عاقبة إنفاقها ندماً وحسرة، فكأن ذاتها تصير ندما وتنقلب حسرة { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } آخر الأمر وإن كانت الحرب بينهم وبين المؤمنين سجالا قبل ذلك فيرجعون طلقاءكَتَبَ ٱللَّهُ لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } المجادلة 21. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } والكافرون منهم { إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } لأنّ منهم من أسلم وحسن إسلامه { لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ } الفريق الخبيث من الكفار { مِنَ } الفريق { ٱلطَّيّبِ } من المؤمنين، فيجعل الفريق { ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً } عبارة عن الجمع والضم، حتى يتراكبوا، كقوله تعالى { كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } يعني لفرط ازدحامهم { أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى الفريق الخبيث، وقيل ليميز المال الخبيث الذي أنفقه المشركون في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من المال الطيب الذي أنفقه المسلمون كأبي بكر وعثمان في نصرته { فَيَرْكُمَهُ } فيجعله في جهنم في جملة ما يعذّبون به، كقولهفَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ } الآية التوبة 35، واللام على هذا متعلقة بقوله { ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } وعلى الأوّل يحشرون، وأولئك إشارة إلى الذين كفروا. وقرىء ليميز على التخفيف.