الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } * { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ }

{ عَمَّ } أصله عما، على أنه حرف جر دخل على ما الاستفهامية وهو في قراءة عكرمة وعيسى بن عمر. قال حسان رضي الله عنه
عَلَى مَا قَامَ يَشْتُمُنِى لَئِيمٌ كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رَمَادِ   
والاستعمال الكثير على الحذف، والأصل قليل ومعنى هذا الاستفهام تفخيم الشأن، كأنه قال عن أي شأن يتساءلون ونحوه ما في قولك زيد ما زيد؟ جعلته لانقطاع قرينه وعدم نظيره كأنه شيء خفي عليك جنسه فأنت تسأل عن جنسه وتفحص عن جوهره، كما تقول ما الغول وما العنقاء؟ تريد أي شيء هو من الأشياء هذا أصله ثم جرد العبارة عن التفخيم، حتى وقع في كلام من لا تخفى عليه خافية { يَتَسَآءَلُونَ } يسأل بعضهم بعضاً. أو يتساءلون غيرهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين نحو يتداعونهم ويتراءونهم. والضمير لأهل مكة كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث، ويتساءلون غيرهم عنه على طريق الاستهزاء { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ2 } بيان للشأن المفخم. وعن ابن كثير قرأ «عمه» بهاء السكت، ولا يخلو إما أن يجري الوصل مجرى الوقف وإما أن يقف ويبتدىء { يَتَسآءَلُونَ عَنِ ٱلنَّبَأ ٱلْعَظِيمِ2 } على أن يضمر { يتساولون } لأنّ ما بعده يفسره، كشيء يبهم ثم يفسر. فإن قلت قد زعمت أنّ الضمير في يتساءلون للكفار. فما تصنع بقوله { هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ }؟ قلت كان فيهم من يقطع القول بإنكار البعث، ومنهم من يشك. وقيل الضمير للمسلمين والكافرين جميعاً، وكانوا جميعاً يسألون عنه. أما المسلم فليزداد خشية واستعداداً وأما الكافر فليزداد استهزاء. وقيل المتساءل عنه القرآن. وقيل نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم. وقرىء «يساءلون» بالإدغام، وستعلمون بالتاء.