الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } * { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } * { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ نَظَرَ } * { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ } * { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } * { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ }

{ وَحِيداً } حال من الله عز وجل على معنيين، أحدهما ذرني وحدي معه، فأنا أجزيك في الانتقام منه عن كل منتقم. والثاني خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد. أو حال من المخلوق على معنى خلقته وهو وحيد فريد لا مال له ولا ولد، كقولهوَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَـٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } الأنعام 94، وقيل نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي وكان يلقب في قومه بالوحيد، ولعله لقب بذلك بعد نزول الآية فإن كان ملقباً به قبل فهو تهكم به وبلقبه، وتغيير له عن الغرض الذي كانوا يؤمونه - من مدحه، والثناء عليه بأنه وحيد قومه لرياسته ويساره وتقدّمه في الدنيا - إلى وجه الذم والعيب وهو أنه خلق وحيداً لا مال له ولا ولد، فآتاه الله ذلك، فكفر بنعمة الله وأشرك به واستهزأ بدينه { مَّمْدُوداً } مبسوطاً كثيراً أو ممدّاً بالنماء، من مدّ النهر ومدّ نهر آخر. قيل كان له الزرع والضرع والتجارة. وعن ابن عباس هو ما كان له بين مكة والطائف من صنوف الأموال. وقيل كان له بستان بالطائف لا ينقطع ثماره صيفاً وشتاء. وقيل كان له ألف مثقال. وقيل أربعة آلاف وقيل تسعة آلاف وقيل ألف ألف، وعن ابن جريج غلة شهر بشهر { وَبَنِينَ شُهُوداً } حضوراً معه بمكة لا يفارقونه للتصرف في عمل أو تجارة، لأنهم مكفيون لوفور نعمة أبيهم واستغنائهم عن التكسب وطلب المعاش بأنفسهم، فهو مستأنس بهم لا يشتغل قلبه بغيبتهم، وخوف معاطب السفر عليهم ولا يحزن لفراقهم والاشتياق إليهم. ويجوز أن يكون معناه أنهم رجال يشهدون معه المجامع والمحافل. أو تسمع شهادتهم فيما يتحاكم فيه. وعن مجاهد كان له عشرة بنين. وقيل ثلاثة عشر. وقيل سبعة كلهم رجال الوليد بن الوليد، وخالد، وعمارة، وهشام، والعاص، وقيس، وعبد شمس أسلم منهم ثلاثة خالد، وهشام، وعمارة { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } وبسطت له الجاه العريض والرياسة في قومه، فأتمت عليه نعمتي المال والجاه واجتماعهما هو الكمال عند أهل الدنيا. ومنه قول الناس آدام الله تأييدك وتمهيدك، يريدون زيادة الجاه والحشمة. وكان الوليد من وجهاء قريش وصناديدهم ولذلك لقب الوحيد وريحانة قريش { ثُمَّ يَطْمَعُ } استبعاد واستنكار لطمعه وحرصه، يعنى أنه لا مزيد على ما أوتي سعة وكثرة وقيل إنه كان يقول إن كان محمد صادقاً فما خلقت الجنة إلا لي { كَلاَّ } ردع له وقطع لرجائه وطمعه { إِنَّهُ كان لأَيَـٰتِنَا عَنِيداً } تعليل للردع على وجه الاستئناف كأن قائلا قال لم لا يزاد؟ فقيل إنه عاند آيات المنعم وكفر بذلك نعمته، والكافر لا يستحق المزيد، ويروى أنه ما زال بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله حتى هلك { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } سأغشيه عقبة شاقة المصعد وهو مثل لما يلقى من العذاب الشاق الصعد الذي لا يطاق وعن النبي صلى الله عليه وسلم 1248

السابقالتالي
2 3