الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً }

{ نَاشِئَةَ ٱلَّيْلِ } النفس الناشئة بالليل، التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة، أي تنهض وترتفع، من نشأت السحابة إذا ارتفعت، ونشأ من مكانه ونشز إذا نهض، قال
نَشَأْنَا إلى خُوصٍ بَرَى نَيَّهَا السُّرَى وَأَلْصَقَ مِنْهَا مُشْرِفَاتِ الْقَمَاحِدِ   
وقيام الليل، على أن الناشئة مصدر من نشأ إذا قام ونهض على فاعلة كالعاقبة ويدل عليه ما روى عن عبيد بن عمير قلت لعائشة رجل قام من أوّل الليل، أتقولين له قام ناشئة؟ قالت لا إنما الناشئة القيام بعد النوم. ففسرت الناشئة بالقيام عن المضجع أو العبادة التي تنشأ بالليل، أي تحدث، وترتفع. وقيل هي ساعات الليل كلها لأنها تحدث واحدة بعد أخرى. وقيل الساعات الأول منه. وعن علي بن الحسين رضي اللَّه عنهما أنه كان يصلي بين المغرب والعشاء ويقول أما سمعتم قول الله تعالى { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيْلِ } هذه ناشئة الليل { هِىَ أَشَدُّ وَطْأً } هي خاصة دون ناشئة النهار، أشدّ مواطأة يواطىء قلبها لسانها إن أردت النفس. أو يوطىء فيها قلب القائم لسانه إن أردت القيام أو العبادة أو الساعات. أو أشدّ موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص. وعن الحسن أشدّ موافقة بين السر والعلانية، لانقطاع رؤية الخلائق. وقرىء «أشدّ وطأ» بالفتح والكسر. والمعنى أشد ثبات قدم وأبعد من الزلل. أو أثقل وأغلظ على المصلي من صلاة النهار، من قوله عليه السلام. 1239 " اللهم اشدد وطأتك على مضر " { وَأَقْوَمُ قِيلاً } وأسد مقالا وأثبت قراءة لهدوّ الأصوات. وعن أنس رضي الله عنه أنه قرأ وأصوب قيلا، فقيل له يا أبا حمزة، إنما هي وأقوم فقال إنّ أقوم وأصوب وأهيأ واحد. وروى أبو زيد الأنصاري عن أبي سرار الغنوي أنه كان يقرأ فحاسوا، بحاء غير معجمة، فقيل له إنما هوجَاسُواْ } الإسراء5 بالجيم، فقال وجاسوا وحاسوا واحد.