الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا } جواب قسم محذوف. فإن قلت ما لهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام، إلاّ مع «قد» وقلّ عنهم، نحو قوله
حَلَفْتُ لَهَا بِاللَّهِ حِلْفَةَ فَاجِر لَنَامُوا............   
قلت إنما كان ذلك لأن الجملة القسمية لا تساق إلاّ تأكيداً للجملة المقسم عليها، التي هي جوابها، فكانت مظنة لمعنى التوقع الذي هو معنى «قد» عند استماع المخاطب كلمة القسم. قيل أرسل نوحاً عليه السلام وهو ابن خمسين سنة، وكان نجاراً وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وأخنوخ اسم إدريس النبي عليه السلام. وقرىء «غيره» بالحركات الثلاث، فالرفع على المحل، كأنه قيل ما لكم إلٰه غيره. والجرّ على اللفظ والنصب على الاستثناء بمعنى ما لكم من إلٰه إلاّ إياه، كقولك ما في الدار من أحد إلاّ زيد أو غير زيد. فإن قلت فما موقع الجملتين بعد قوله { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ }؟ قلت الأولى بيان لوجه اختصاصه بالعبادة. والثانية بيان للداعي إلى عبادته لأنه هو المحذور عقابه دون ما كانوا يعبدونه من دون الله واليوم العظيم يوم القيامة أو يوم نزول العذاب عليهم وهو الطوفان.