الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ فَإِذَا جَاءتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ } من الخصب والرخاء { قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ } أي هذه مختصة بنا ونحن مستحقوها ولم نزل في النعمة والرفاهية، واللام مثلها في قولك. الجل للفرس { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } من ضيقة وجدب { يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ } يتطيروا بهم ويتشاءموا ويقولوا هذه بشؤمهم، ولولا مكانهم لما أصابتنا، كما قالت الكفرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذه من عندك. فإن قلت كيف قيل فإذا جاءتهم الحسنة بإذا وتعريف الحسنة، وإن تصبهم سيئة بإن وتنكير السيئة؟ قلت لأنّ جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته واتساعه. وأمّا السيئة فلا تقع إلاّ في الندرة، ولا يقع إلاّ شيء منها. ومنه قول بعضهم قد عددت أيام البلاء، فهل عددت أيام الرخاء { طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ } أي سبب خيرهم وشرهم عند الله، وهو حكمه ومشيئته، والله هو الذي يشاء ما يصيبهم من الحسنة والسيئة، وليس شؤم أحد ولا يمنه بسبب فيه، كقوله تعالىقُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } النساء 78 ويجوز أن يكون معناه ألا إنما سبب شؤمهم عند الله وهو عملهم المكتوب عنده الذي يجري عليهم ما يسوءهم لأجله، ويعاقبون له بعد موتهم بما وعدهم الله في قوله سبحانهٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } غافر 46 الآية. ولا طائر أشأم من هذا. وقرأ الحسن «إنما طيركم عند الله»، وهو اسم لجمع طائر غير تكسير، ونظيره التجر، والركب. وعند أبي الحسن هو تكسير.