الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } * { هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } * { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ }

{ حَلاَّفٍ } كثير الحلف في الحق والباطل، وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف. ومثله قوله تعالىوَلاَ تَجْعَلُواْ ٱللَّهَ عُرْضَةًلأيْمَـٰنِكُمْ } البقرة 224. { مُّهِينٍ } من المهانة وهي القلة والحقارة، يريد القلة في الرأي والتمييز. أو أراد الكذاب لأنه حقير عند الناس { هَمَّازٍ } عياب طعان. وعن الحسن. يلوى شدقيه في أقفية الناس { مَّشَّاء بِنَمِيمٍ } مضرب نقال للحديث من قوم إلى قوم على وجه السعاية والإفساد بينهم. والنميم والنميمة السعاية، وأنشدني بعض العرب
تَشَبَّبِي تَشَبُّبَ النَّمِيمَهْ تَمْشِي بِهَا زَهْرَا إِلَى تَمِيمَهْ   
{ مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ } بخيل. والخير المال. أو مناع أهه الخير وهو الإسلام، فذكر الممنوع منه دون الممنوع، كأنه قال مناع من الخير. قيل هو الوليد بن المغيرة المخزومي كان موسراً، وكان له عشرة من البنين، فكان يقول لهم وللحمته من أسلم منكم منعته رفدي عن ابن عباس. وعنه أنه أبو جهل. وعن مجاهد الأسود بن عبد يغوث. وعن السدي الأخنس بن شريق، أصله في ثقيف وعداده في زهرة، ولذلك قيل زنيم { مُعْتَدٍ } مجاوز في الظلم حده { أَثِيمٍ } كثير الآثام { عُتُلٍّ } غليظ جاف، من عتله إذا قاده بعنف وغلظة { بَعْدَ ذَلِكَ } بعدما عدّ له من المثالب والنقائص { زَنِيمٍ } دعي. قال حسان
وَأنْتَ زَنِيمٌ نِيطَ فِي ءَالِ هَاشِم كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ   
وكان الوليد دعيا في قريش ليس من سنخهم، ادعاه أبوه بعد ثمان عشرة من مولده. وقيل بغت أمّه ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية، جعل جفاءه ودعوته أشد معايبه، لأنه إذا جفا وغلظ طبعه قسا قلبه واجترأ على كل معصية، ولأن الغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الناشىء منها. ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 1218 " لا يدخل الجنة ولد الزنا ولا ولده ولا ولد ولده " و { بَعْدَ ذَلِكَ } نظير ثم في قوله { ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } البلد 17 وقرأ الحسن «عتل» رفعاً على الذم وهذه القراءة تقوية لما يدل عليه بعد ذلك. والزنيم من الزنمة وهي الهنة من جلد الماعزة تقطع فتخلى معلقة في حلقها، لأنه زيادة معلقة بغير أهله { أَن كَانَ ذَا مَالٍ } متعلق بقوله { وَلاَ تُطِعْ } يعني ولا تطعه مع هذه المثالب، لأن كل ذا مال. أي ليساره وحظه من الدنيا. ويجوز أن يتعلق بما بعده على معنى لكونه متمولاً مستظهراً بالبنين كذب آياتنا ولا يعمل فيه { قَالَ } الذي هو جواب إذا، لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله، ولكن ما دلت عليه الجملة من معنى التكذيب. وقرىء «أأن كان»؟ على الاستفهام على إلا لأن كان ذا مال وبنين، كذب.

السابقالتالي
2