الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } * { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ }

{ أَرَأَيْتُكُم } أخبروني. والضمير الثاني لا محل له من الإعراب لأنك تقول أرأيتك زيداً ما شأنه، فلو جعلت للكاف محلاً لكنت كأنك تقول أرأيت نفسك زيداً ما شأنه؟ وهو خلف من القول، ومتعلق الاستخبار محذوف، تقديره إن أتاكم عذاب الله { أَوْ أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ } من تدعون. ثم بكتهم بقوله { أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ } بمعنى أتخصون آلهتكم بالدعوة فيما هو عادتكم إذا أصابكم ضرّ، أم تدعون الله دونها { بَلْ إِيَّـٰهُ تَدْعُونَ } بل تخصونه بالدعاء دون الآلهة { فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ } أي ما تدعونه إلى كشفه { إِن شَاء } إن أراد أن يتفضل عليكم ولم يكن مفسدة { وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } وتتركون آلهتكم أو لا تذكرونها في ذلك الوقت لأن أذهانكم في ذلك الوقت مغمورة بذكر ربكم وحده، إذ هو القادر على كشف الضرّ دون غيره، ويجوز أن يتعلق الاستخبار بقوله { أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ } كأنه قيل أغير الله تدعون إن أتاكم عذاب الله. فإن قلت إن علقت الشرط به فما تصنع بقوله { فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ } مع قوله { أَوْ أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ } وقوارع الساعة لا تكشف عن المشركين؟ قلت قد اشترط في الكشف المشيئة، وهو قوله { إِن شَاء } إيذاناً بأنه إن فعل كان له وجه من الحكمة، إلا أنه لا يفعل لوجه آخر من الحكمة أرجح منه.