الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

وقرىء «وأَنْ هذا صراطي مستقيماً» بتخفيف «أن» وأصله وأنه هذا صراطي، على أن الهاء ضمير الشأن والحديث. وقرأ الأعمش «وهذا صراطي». وفي مصحف عبد الله «هذا صراط ربكم». وفي مصحف أبيّ «وهذا صراط ربك» { وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ } الطرق المختلفة في الدين، من اليهودية والنصرانية، والمجوسية، وسائر البدع والضلالات { فَتَفَرَّقَ بِكُمْ } فتفرقكم أيادي سبا { عَن سَبِيلِهِ } عن صراط الله المستقيم وهو دين الإسلام. وقرىء «فَتَّفَرَّقَ» بإدغام التاء. وروى أبو وائل عن ابن مسعود عن النبيّ صلى الله عليه وسلم 383 " أنه خط خطاً ثم قال هذا سبيل الرشد، ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطاً ثم قال هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم تلا هذه الآية " { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ } وعن ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآيات محكمات لم ينسخهنّ شيء من جميع الكتب. وقيل إنهنّ أمّ الكتاب، من عمل بهنّ دخل الجنة، ومن تركهنّ دخل النار، وعن كعب الأحبار والذي نفس كعب بيده إنّ هذه الآيات لأول شيء في التوراة. فإن قلت علام عطف قوله { ثُمَّ ءاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ } قلت على { وَصَّـٰكُمْ بِهِ }. فإن قلت كيف صحّ عطفه عليه بثم - والإيتاء قبل التوصية بدهر طويل-؟ قلت هذه التوصية قديمة، لم تزل توصاها كل أمّة على لسان نبيهم، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما محكمات لم ينسخهنّ شيء من جميع الكتاب، فكأنه قيل ذلكم وصاكم به يا بني آدم قديماً وحديثاً.