الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }

{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا } يعني الملائكة إلى الأنبياء { بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } بالحجج والمعجزات { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } أي الوحي { وَٱلْمِيزَانَ } روى أنّ جبريل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح وقال مر قومك يزنوا به { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ } قيل نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد السندان، والكلبتان، والميقعة والمطرقة، والإبرة. وروى ومعه المرّ والمسحاة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم 1132 " أنّ الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض أنزل الحديد، والنار، والماء، والملح " وعن الحسن { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ } خلقناه، كقوله تعالىوَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ ٱلأَنْعَـٰمِ } الزمر 60 وذلك أنّ أوامره تنزل من السماء وقضاياه وأحكامه { فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } وهو القتال به { وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ } في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم، فما من صناعة إلا والحديد آلة فيها أو ما يعمل بالحديد { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ } باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين { بِٱلْغَيْبِ } غائباً عنهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما ينصرونه ولا يبصرونه { إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ } غني بقدرته وعزته في إهلاك من يريد هلاكه عنهم، وإنما كلفهم الجهاد لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الأمر فيه إلى الثواب.