الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } * { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } * { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } * { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } * { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } * { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } * { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ } * { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } * { وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ } * { وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ } * { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ } * { وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ } * { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } * { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ }

{ وَأَكْدَىٰ } قطع عطيته وأمسك، وأصله من إكداء الحافر، وهو أن تلقاه كدية وهي صلابة كالصخرة فيمسك عن الحفر، ونحوه أجبل الحافر، ثم استعير فقيل أجبل الشاعر إذا أفحم. روى 1104 أن عثمان رضي الله عنه كان يعطي ما له في الخير، فقال له عبد الله بن سعد بن أبي سرح وهو أخوه من الرضاعة يوشك أن لا يبقي لك شيء، فقال عثمان إن لي ذنوباً وخطايا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوه، فقال عبد الله أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن العطاء. فنزلت. ومعنى { تَوَلَّىٰ } ترك المركز يوم أحد، فعاد عثمان إلى أحسن من ذلك وأجمل { فَهُوَ يَرَىٰ } فهو يعلم أن ما قاله له أخوه من احتمال أو زاره حق { وَفَّىٰ } قرىء مخففاً ومشدّداً، والتشديد مبالغة في الوفاء. أو بمعنى وفر وأتم، كقوله تعالىفَأَتَمَّهُنَّ } البقرة 124 وإطلاقه ليتناول كل وفاء وتوفية، من ذلك تبليغه الرسالة، واستقلاله بأعباء النبوّة، والصبر على ذبح ولده وعلى نار نمروذ، وقيامه بأضيافه وخدمته إياهم بنفسه، وأنه كان يخرج كل يوم فيمشي فرسخاً يرتاد ضيفاً، فإن وافقه أكرمه، وإلا نوى الصوم. وعن الحسن ما أمره الله بشيء إلا وفى به. وعن الهزيل بن شرحبيل كان بين نوح وبين إبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة غيره، ويقتل بأبيه وابنه وعمه وخاله، والزوج بامرأته، والعبد بسيده فأوّل من خالفهم إبراهيم. وعن عطاء بن السائب عهد أن لا يسأل مخلوقاً، فلما قذف في النار قال له جبريل وميكائيل ألك حاجة؟ فقال. أمّا إليكما فلا. وعن النبي صلى الله عليه وسلم 1105 " وفّى عمله كل يوم بأربع ركعات في صدر النهار، وهي صلاة الضحى " وروى 1106 ألا أخبركم لم سمى الله خليله { ٱلَّذِى وَفَّىٰ }؟ كان يقول إذا أصبح وأمسى { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ... } إلى...حِين تُظْهِرُونَ } الروم 17 وقيل وفي سهام الإسلام وهي ثلاثون عشرة في التوبة التائبون.. وعشرة في الأحزاب { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ... } وعشرة في المؤمنين { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ.. } وقرىء «في صحف»، بالتخفيف { أَلاَّ تَزِرُ } أن مخففة من الثقيلة. والمعنى أنه لا تزر، والضمير ضمير الشأن، ومحل أن وما بعدها الجر بدلاً من ما في صحف موسى. أو الرفع على هو أن لا تزر، كأن قائلاً قال وما في صحف موسى وإبراهيم، فقيل أن لا تزر { إِلاَّ مَا سَعَىٰ } إلا سعيه. فإن قلت أما صح في الأخبار الصدقة عن الميت، والحج عنه، وله الإضعاف؟ قلت فيه جوابان، أحدهما أن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنياً على سعي نفسه ـــ وهو أن يكون مؤمناً صالحاً وكذلك الإضعاف ـــ كأن سعى غيره كأنه سعى نفسه، لكونه تابعاً له وقائماً بقيامه.

السابقالتالي
2