الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } * { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } * { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ }

{ ٱلْحُبُكِ } الطرائق، مثل حبك الرمل والماء إذا ضربته الريح، وكذلك حبك الشعر آثار تثنيه وتكسره. قال زهيريصف غديراً
مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ رِيحٌ خَرِيقٌ لِضَاحِي مَائِهِ حُبُكُ   
والدرع محبوكة لأنّ حلقها مطرق طرائق. ويقال إنّ خلقه السماء كذلك. وعن الحسن حبكها نجومها. والمعنى أنها تزينها كما تزين الموشى طرائق الوشي. وقيل حبكها صفاتها وإحكامها، من قولهم فرس محبوك المعاقم أي محكمها. وإذا أجاد الحائك الحياكة قالوا ما أحسن حبكه، وهو جمع حباك، كمثال ومثل. أو حبيكة، كطريقة وطرق. وقرىء «الحبك» بوزن القفل. والحبك، بوزن السلك. والحبك، بوزن الجبل. والحبك بوزن البرق. والحبك بوزن النعم. والحبك بوزن الإبل { إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } قولهم في الرسول ساحر وشاعر ومجنون، وفي القرآن شعر وسحر وأساطير الأوّلين. وعن الضحاك قول الكفرة لا يكون مستوياً، إنما هو متناقض مختلف. وعن قتادة منكم مصدّق ومكذب، ومقرّ ومنكر { يُؤْفَكُ عَنْهُ } الضمير للقرآن أوللرسول، أي يصرف عنه، من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه وأعظم كقوله لا يهلك على الله إلا هالك. وقيل يصرف عنه من صرف في سابق علم الله، أي علم فيما لم يزل أنه مأفوك عن الحق لا يرعوى. ويجوز أن يكون الضمير لما توعدون أو للدين أقسم بالذاريات على أن وقوع أمر القيامة حق، ثم أقسم بالسماء على أنهم في قول مختلف في وقوعه، فمنهم شاكّ، ومنهم جاحد. ثم قال يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك. ووجه آخر وهو أن يرجع الضمير إلى قول مختلف وعن مثله في قوله
يَنْهَوْنَ عَنْ أَكْلٍ وَعَنْ شُرْبِ   
أي يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب. وحقيقته يصدر تناهيهم في السمن عنهما، وكذلك يصدر إفكهم عن القول المختلف. وقرأ سعيد بن جبير «يؤفك عنه» من أفك»، على البناء للفاعل. أي من أفك الناس عنه وهم قريش، وذلك أنّ الحيّ كانوا يبعثون الرجل ذا العقل والرأي ليسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون له احذره، فيرجع فيخبرهم. وعن زيد بن عليّ يأفك عنه من أفك، أي يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه. وعنه أيضاً يأفك عنه من أفك أي يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب. وقرىء «يؤفن عنه من أفن» أي يحرمه من رحم، من أفن الضرع إذا نهكه حلباً.