الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

{ أَفَحُكْمَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَ } فيه وجهان، أحدهما أنّ قريظة والنضير طلبوا إليه أن يحكم بما كان يحكم به أهل الجاهلية من التفاضل بين القتلى وروي 352 أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم «القتلى بواء» فقال بنو النضير نحن لا نرضى بذلك فنزلت والثاني أن يكون تعبيراً لليهود بأنهم أهل كتاب وعلم، وهم يبغون حكم الملة الجاهلية التي هي هوى وجهل، لا تصدر عن كتاب ولا ترجع إلى وحي من الله تعالى وعن الحسن هو عامّ في كل من يبغي غير حكم الله والحكم حكمان حكم بعلم فهو حكم الله، وحكم بجهل فهو حكم الشيطان. وسئل طاوس عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض، فقرأ هذه الآية وقرىء «تبغون»، بالتاء والياء وقرأ السلمي «أفحكمُ الجاهلية يبغون»، برفع الحكم على الابتداء، وإيقاع يبغون خبراً وإسقاط الراجع عنه كإسقاطه عن الصلة فيأَهَـٰذَا ٱلَّذِى بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } الفرقان 31 وعن الصفة في الناس رجلان رجل أهنت، ورجل أكرمت. وعن الحال في مررت بهند يضرب زيد وقرأ قتادة { أَفَحُكْمَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ } على أنّ هذا الحكم الذي يبغونه إنما يحكم به أفعى نجران، أو نظيره من حكام الجاهلية، فأرادوا بسفههم أن يكون محمد خاتم النبيين حكماً كأولئك الحكام. اللام في قوله { لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } للبيان كاللام في هيت لك أي هذا الخطاب وهذا الاستفهام لقوم يوقنون، فإنهم الذين يتيقنون أن لا أعدل من الله ولا أحسن حكماً منه.