الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

{ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ } أولوا الجد والثبات والصبر. و { مِنْ } يجوز أن تكون للتبعيض، ويراد بأولى العزم بعض الأنبياء. قيل هم نوح، صبر على أذى قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه، وإبراهيم على النار وذبح ولده، وإسحٰق على ا لذبح، ويعقوب على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف على الجب والسجن، وأيوب على الضرّ، وموسى قال له قومه إنا لمدركون، قال كلا إنّ معي ربي سيهدين، وداود بكى على خطيئته أربعين سنة، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وقال إنها معبرة فاعبروها ولا تعمروها. وقال الله تعالى في آدموَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } طه 115 وفي يونسوَلاَ تَكُن كَصَـٰحِبِ ٱلْحُوتِ } القلم 48 ويجوز أن تكون للبيان، فيكون أولو العز صفة الرسل كلهم { وَلاَ تَسْتَعْجِل } لكفار قريش بالعذاب، أي لا تدع لهم بتعجيله فإنه نازل بهم لا محالة، وإن تأخر، وأنهم مستقصرون حينئذٍ مدّة لبثهم في الدنيا حتى يحسبوها { سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ } أي هذا الذي وعظتم به كفاية في الموعظة. أو هذا تبليغ من الرسول عليه السلام { فَهَلْ يُهْلَكُ } إلا الخارجون عن الاتعاظ به، والعمل بموجبه. ويدل على معنى التبليغ قراءة من قرأ بلغ فهل يهلك وقرىء «بلاغاً»، أي بلغوا بلاغاً وقرىء «يهلك» بفتح الياء وكسر اللام وفتحها، من هلك وهلك. ونهلك بالنون { إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ }. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1035 " من قرأ سورة الأحقاف كتب له عشر حسنات بعدد كل رملة في الدنيا ".