الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ }

{ وَٱلَّذِى قَالَ لِوٰلِدَيْهِ } مبتدأ خبره أولئك الذين حق عليهم القول. والمراد بالذي قال الجنس القائل ذلك القول، ولذلك وقع الخبر مجموعاً. وعن الحسن هو في الكافر العاق لوالديه المكذب بالبعث. وعن قتادة هو نعت عبد سوء عاق لوالديه فاجر لربه. وقيل نزلت في عبد الرحمٰن بن أبي بكر قبل إسلامه وقد دعاه أبوه أبو بكر وأمّه أمّ رومان إلى الإسلام، فأفف بهما وقال ابعثوا لي جدعان بن عمرو وعثمان بن عمرو، وهما من أجداده حتى أسألهما عما يقول محمد، ويشهد لبطلانه أن المراد بالذي قال جنس القائلين ذلك، وأنّ قوله الذين حق عليهم القول هم أصحاب النار، وعبد الرحمٰن كان من أفاضل المسلمين وسرواتهم. وعن عائشة رضي الله عنها إنكار نزولها فيه، وحين كتب معاوية إلى مروان بأن يبايع الناس ليزيد قال عبد الرحمٰن 1028 لقد جئتم بها هرقلية، أتبايعون لأبنائكم؟ فقال مروان يا أيها الناس، هو الذي قال الله فيه { وَٱلَّذِى قَالَ لِوٰلِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ } فسمعت عائشة فغضبت وقالت والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لسميته ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه، فأنت فضـض من لعنة الله. وقرىء «أف» بالكسر والفتح بغير تنوين، وبالحركات الثلاث مع التنوين، وهو صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر، كما إذا قال حس، علم منه أنه متوجع، واللام للبيان، معناه هذا التأفيف لكما خاصة، ولأجلكما دون غيركما. وقرىء «أتعدانني» بنونين. وأتعداني بأحدهما. وأتعداني بالإدغام. وقد قرأ بعضهم أتعدانني بفتح النون، كأنه استثقل اجتماع النونين والكسرتين والياء، ففتح الأولى تحرياً للتخفيف، كما تحراه من أدغم ومن أطرح أحدهما { أَنْ أُخْرَجَ } أن أُبعث وأخرج من الأرض. وقرىء «أخرج» { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى } يعني ولم يبعث منهم أحد { يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ } يقولان الغياث بالله منك ومن قولك، وهو استعظام لقوله { وَيْلَكَ } دعاء عليه بالثبور والمراد به الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك { فِى أُمَمٍ } نحو قولهفِى أَصْحَـٰبِ ٱلْجَنَّةِ } الأحقاف 16 وقرىء «أن» بالفتح، على معنى آمن بأن وعد الله حق.