الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ }

والأكنة جمع كنان. وهو الغطاء و«الوقر» بالفتح - الثقل. وقرىء بالكسر. وهذه تمثيلات لنبوّ قلوبهم عن تقبل الحق واعتقاده، كأنها في غلف وأغطية تمنع من نفوذه فيها، كقوله تعالىوَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } البقرة 88 ومج أسماعهم له كأن بها صمماً عنه، ولتباعد المذهبين والدينين كأن بينهم وما هم عليه، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هو عليه حجاباً ساتراً وحاجزاً منيعاً من جبل أو نحوه، فلا تلاقي ولا ترائي { فَٱعْمَلْ } على دينك { إِنَّنَا عَـٰمِلُونَ } على ديننا، أو فاعمل في إبطال أمرنا، إننا عاملون في إبطال أمرك. وقرىء «إنا عاملون» فإن قلت هل لزيادة من في قوله { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } فائدة؟ قلت نعم، لأنه لو قيل وبيننا وبينك حجاب لكان المعنى أن حجاباً حاصل وسط الجهتين، وأما بزيادة من فالمعنى أن حجاباً ابتدأ منا وابتدأ منك، فالمسافة المتوسطة لجهتنا وجهتك مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها. فإن قلت هلا قيل على قلوبنا أكنة، كما قيل وفي آذاننا وقر ليكون الكلام على نمط واحد؟ قلت هو على نمط واحد لأنه لا فرق في المعنى بين قولك قلوبنا في أكنة. وعلى قلوبنا أكنة. والدليل عليه قوله تعالى { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } ولو قيل إنا جعلنا قلوبهم في أكنة لم يختلف المعنى، وترى المطابيع منهم لا يراعون الطباق والملاحظة إلاّ في المعاني.