الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ }

وقرىء «ثمود» بالرفع والنصب منوّناً وغير متنون، والرفع أفصح لوقوعه بعد حرف الابتداء. وقرىء بضم الثاء { فَهَدَيْنَـٰهُمْ } فدللناهم على طريق الضلالة والرشد، كقوله تعالىوَهَدَيْنَـٰهُ ٱلنَّجْدَينِ } البلد 10. { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } فاختاروا الدخول في الضلالة على الدخول في الرشد. فإن قلت أليس معنى هديته حصلت فيه الهدى، والدليل عليه قولك هديته فاهتدى، بمعنى تحصيل البغية وحصولها، كما تقول ردعته فارتدع، فكيف ساغ استعماله في الدلالة المجرّدة؟ قلت للدلالة على أنه مكنهم وأزاح عللهم ولم يُبق له عذراً ولا علة، فكأنه حصل البغية فيهم بتحصيل ما يوجبها ويقتضيها { صَـٰعِقَةُ ٱلْعَذَابِ } داهية العذاب وقارعة العذاب. و { ٱلْهُونِ } الهوان، وصف به العذاب مبالغة، أو أبدله منه، ولو لم يكن في القرآن حجة على القدرية الذين هم مجوس هذه الأمة بشهادة نبيها صلى الله عليه وسلم - وكفى به شاهداً - إلاّ هذه الآية، لكفى بها حجة.