الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً }

{ وَيَقُولُونَ } إذا أمرتهم بشيء { طَاعَةٌ } بالرفع أي أمرنا وشأننا طاعة. ويجوز النصب بمعنى أطعناك طاعة. وهذا من قول المرتسم سمعاً وطاعة. وسمع وطاعة. ونحوه قول سيبويه وسمعنا بعض العرب الموثوق بهم يقال له كيف أصبحت؟ فيقول حمد الله وثناء عليه، كأنه قال أمري وشأني حمد الله. ولو نصب حمد الله وثناء عليه. كان على الفعل والرفع يدل على ثبات الطاعة واستقرارها { بَيَّتَ طَائِفَةٌ } زورت طائفة وسوت { غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } خلاف ما قلت وما أمرت به. أو خلاف ما قالت وما ضمنت من الطاعة، لأنهم أبطلوا الرد لا القبول، والعصيان لا الطاعة. وإنما ينافقون بما يقولون ويظهرون. والتبييت إما من البيتوتة لأنه قضاء الأمر وتدبيره بالليل، يقال هذا أمر بيت بليل. وإما من أبيات الشعر، لأن الشاعر يدبرها ويسويها { وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ } يثبته في صحائف أعمالهم، ويجازيهم عليه على سبيل الوعيد. أو يكتبه في جملة ما يوحى إليك فيطلعك على أسرارهم فلا يحسبوا أن إبطانهم يغني عنهم { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } ولا تحدّث نفسك بالانتقام منهم { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } في شأنهم، فإنّ الله يكفيك معرّتهم وينتقم لك منهم إذا قوي أمر الإسلام وعز أنصاره. وقرىء «بيت طائفة» بالإدغام وتذكير الفعل، لأنّ تأنيث الطائفة غير حقيقي، ولأنها في معنى الفريق والفوج.