الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }

{ ٱلسُّفَهَاءَ } المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا يبنغي ولا يدى لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرف فيها. والخطاب للأولياء وأضاف الأموال إليهم لأنها من جنس ما يقيم به الناس معايشهم، كما قالوَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } النساء 79،فمَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُم مّن فَتَيَـٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } النساء 25 الدليل على أنه خطاب للأولياء في أموال اليتامى قوله { وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ } ، { جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَـٰماً } أي تقومون بها وتنتعشون، ولو ضيعتموها لضعتم فكأنها في أنفسها قيامكم وانتعاشكم. وقرىء «قيما»، بمعنى قياماً، كما جاء عوذاً بمعنى عياذاً. وقرأ عبد الله بن عمر «قواماً»، بالواو. وقوام الشيء ما يقام به، كقولك هو ملاك الأمر لما يملك به. وكان السلف يقولون المال سلاح المؤمن، ولأن أترك ما لا يحاسبني الله عليه، خير من أن أحتاج إلى الناس. وعن سفيان - وكانت له بضاعة يقلبها - لولاها لتمندل بي بنو العباس. وعن غيره - وقيل له إنها تدنيك من الدنيا - لئن أدنتني من الدنيا لقد صانتني عنها. وكانوا يقولون اتجروا واكتسبوا، فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه، وربما رأوا رجلاً في جنازة فقالوا له اذهب إلى دكانك { وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا } واجعلوها مكاناً لرزقهم بأن تتجروا فيها وتتربحوا، حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال فلا يأكلها الإنفاق. وقيل هو أمر لكل أحد أن لا يخرج ماله إلى أحد من السفهاء، قريب أو أجنبي، رجل أو امرأة، يعلم أنه يضعه فيما لا ينبغي ويفسده { قَوْلاً مَّعْرُوفاً } قال ابن جريج عدّة جميلة، إن صلحتم ورشدتم سلمنا إليكم أموالكم. وعن عطاء إذا ربحت أعطيتك، وإن غنمت في غزاتي جعلت لك حظاً. وقيل إن لم يكن ممن وجبت عليك نفقته فقل عافانا الله وإياك، بارك الله فيك. وكل ما سكنت إليه النفس وأحبته لحسنه عقلاً أو شرعاً من قول أو عمل، فهو معروف، وما أنكرته ونفرت منه لقبحه، فهو منكر.