الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ } القراءة بفتح الصاد. وعن طلحة بن مصرف أنه قرأ بكسر الصاد. وهنّ ذوات الأزواج. لأنهنّ أحصنّ فروجهنّ بالتزويج. فهنّ محصنات ومحصنات { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَـٰنُكُمْ } يريد ما ملكت أيمانهم من اللاتي سبين ولهنّ أزواج في دار الكفر فهنّ حلال لغزاة المسلمين وإن كنّ محصنات. وفي معناه قول الفرزدق
وَذَاتُ حَلِيلٍ أَنْكَحَتْهَا رِمَاحُنَا حَلاَلٌ لِمَنْ يَبْنِي بِهَا لَمْ تُطَلَّقِ   
{ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } مصدر مؤكد، أي كتب الله ذلك عليكم كتاباً وفرضه فرضاً، وهو تحريم ما حرّم. فإن قلت علام عطف قوله { وَأُحِلَّ لَكُمْ }؟ قلت على الفعل المضمر الذي نصب { كتاب الله } أي كتب الله عليكم تحريم ذلك، وأحلّ لكم ما وراء ذلكم. ويدل عليه قراءة اليماني «كتب الله عليكم»، «وأحلّ لكم». وروى عن اليماني كتب الله عليكم، على الجمع والرفع أي هذه فرائض الله عليكم. ومن قرأ «وأحلّ لكم»، على البناء للمفعول، فقد عطفه على حرمت. { أَن تَبْتَغُواْ } مفعول له بمعنى بين لكم ما يحلّ مما يحرم، إرادة أن يكون ابتغاؤكم { بِأَمْوٰلِكُمْ } التي جعل الله لكم قياماً في حال كونكم { مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَـٰفِحِينَ } لئلا تضيعوا أموالكم وتفقروا أنفسكم فيما لا يحل لكم فتخسروا دنياكم ودينكم، ولا مفسدة أعظم مما يجمع بين الخسرانين. والإحصان العفة وتحصين النفس من الوقوع في الحرام، والأموال المهور وما يخرج في المناكح. فإن قلت أين مفعول تبتغوا؟ قلت يجوز أن يكون مقدّراً وهو النساء. والأجود أن لا يقدر، وكأنه قيل أن تخرجوا أموالكم. ويجوز أن يكون { أن تبتغوا } بدلاً من { وراء ذلك } والمسافح الزاني، من السفح وهو صبّ المنيّ. وكان الفاجر يقول للفاجرة سافحيني وماذيني من المذي { فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ } فما استمتعتم به من المنكوحات من جماع أو خلوة صحيحة أو عقد عليهنّ { فآتوهن أجورهن } عليه، فأسقط الراجع إلى ما لأنه لا يلبس، كقولهإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُور } لقمان 17 بإسقاط منه. ويجوز أن تكون ما في معنى النساء، ومن للتبعيض أو البيان، ويرجع الضمير إليه على اللفظ في به، وعلى المعنى في { فَـئَاتُوهُنَّ } وأجورهن مهورهن لأن المهر ثواب على البضع { فَرِيضَةً } حال من الأجور بمعنى مفروضة أو وضعت موضع إيتاء لأن الإيتاء مفروض أو مصدر مؤكد. أي فرض ذلك فريضة { فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ } فيما تحط عنه من المهر، أو تهب له من كله أو يزيد لها على مقداره. وقيل فيما تراضيا به من مقام أو فراق وقيل نزلت في المتعة التي كانت ثلاثة أيام حين فتح الله مكة على رسوله عليه الصلاة والسلام ثم نسخت، كان الرجل ينكح المرأة وقتاً معلوماً ليلة أو ليلتين أو أسبوعاً بثوب أو غير ذلك، ويقضي منها وطره ثم يسرحها.

السابقالتالي
2 3