الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } * { أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار }

{ وَقَالُواْ } الضمير للطاغين { رِجَالاً } يعنون فقراء المسلمين الذين لا يؤبه لهم { مّنَ ٱلأَشْرَارِ } من الأراذل الذين لا خير فيهم ولا جدوى، ولأنهم كانوا على خلاف دينهم، فكانوا عندهم أشراراً { أَتَّخَذْنَـٰهُمْ سِخْرِيّاً } قرىء بلفظ الإخبار على أنه صفة لـ رجالاً، مثل قوله { كُنَّا نَعُدُّهُمْ مّنَ ٱلأَشْرَارِ } وبهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستخسار منهم. وقوله { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ } له وجهان من الاتصال، أحدهما أن يتصل بقوله { مالنا } أي مالنا لا نراهم في النار؟ كأنهم ليسوا فيها بل أزاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها قسموا أمرهم بين أن يكونوا من أهل الجنة، وبين أن يكونوا من أهل النار. إلاّ أنه خفي عليهم مكانهم. والوجه الثاني أن يتصل باتخذناهم سخرياً، إما أن تكون أم متصلة على معنى أي الفعلين فعلنا بهم الاستسخار منهم، أم الازدراء بهم والتحقير، وأن أبصارنا كانت تعلو عنهم وتقتحمهم، على معنى إنكار الأمرين جميعاً على أنفسهم، وعن الحسن كل ذلك قد فعلوا، اتخذوهم سخرياً وزاغت عنهم أبصارهم محقرة لهم. وإما أن تكون منقطعة بعد مضي اتخذناهم سخرياً على الخبر أو الاستفهام، كقولك إنها إبل أم شاء، وأزيد عندك أم عندك عمرو ولك أن تقدّر همزة الاستفهام محذوفة فيمن قرأ بغير همزته، لأنّ «أم» تدلّ عليها، فلا تفترق القراءتان إثبات همزة الاستفهام وحذفها. وقيل الضمير في { وَقَالُواْ } لصناديد قريش كأبي جهل والوليد وأضرابهما، والرجال عمار وصهيب وبلال وأشباههم. وقرىء «سخرياً» بالضم والكسر.