الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } * { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }

{ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ } رسول من أنفسهم { وَقَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ } ولم يقل وقالوا إظهاراً للغضب عليهم، ودلالة على أنّ هذا القول لا يجسر عليه إلاّ الكافرون المتوغلون في الكفر المنهمكون في الغيّ الذين قال فيهمأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰفِرُونَ حَقّاً } النساء 151 وهل ترى كفراً أعظم وجهلاً أبلغ من أن يسموا من صدّقه الله بوحيه كاذباً، ويتعجبوا من التوحيد، وهو الحق الذي لا يصحّ غيره، ولا يتعجبوا من الشرك وهو الباطل الذي لا وجه لصحته. روي 954 أَنّ إسلام عمر رضي الله تعالى عنه فرح به المؤمنون فرحاً شديداً، وشقّ على قريش وبلغ منهم، فاجتمع خمسة وعشرون نفساً من صناديدهم ومشوا إلى أبي طالب وقالوا أنت شيخنا وكبيرنا، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء، يريدون الذين دخلوا في الإسلام، وجئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك، فاستحضر أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا ابن أخي، هؤلاء قومك يسألونك السَّواء فلا تمل كل الميل على قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ماذا يسألونني؟ " قالوا ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلـٰهك، فقال عليه السلام " أرأيتم إن أعطيتكم ما سألتم أمعطيّ أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟ " فقالوا نعم وعشراً، أي نعطيكها وعشر كلمات معها، فقال " قولوا لا إلــٰه إلاّ الله " فقاموا وقالوا { أَجَعَلَ ٱلأَلِهَةَ إِلَـٰهاً وَٰحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ } أي بليغ في العجب. وقرىء «عجاب» بالتشديد، كقوله تعالىمَكْراً كُبَّاراً } نوح 22 وهو أبلغ من المخفف. ونظيره كريم وكرام وكرام وقوله { أَجَعَلَ ٱلاٌّلِهَةَ إِلَـٰهاً وَٰحِداً } مثل قولهوَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبٰدُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } الزخرف 19 في أن معنى الجعل التصيير في القول على سبيل الدعوى والزعم، كأنه قال أجعل الجماعة واحداً في قوله، لأنّ ذلك في الفعل محال.