الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } * { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } * { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ }

والضمير في { عَلَيْهِ } لله عزّ وجلّ ومعناه فإنكم ومعبودكم ما أنتم وهم جميعاً بفاتنين على الله إلاّ أصحاب النار الذين سبق في علمه أنهم لسوء أعمالهم يستوجبون أن يصلوها. فإن قلت كيف يفتنونهم على الله؟ قلت يفسدونهم عليه بإغوائهم واستهزائهم، من قولك فتن فلان على فلان امرأته، كما تقول أفسدها عليه وخيبها عليه. ويجوز أن يكون الواو في { وَمَا تَعْبُدُونَ } بمعنى مع، مثلها في قولهم كل رجل وضيعته، فكما جاز السكوت على كل رجل وضيعته، وأنّ كل رجل وضيعته جاز أن يسكت على قوله { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } لأن قوله { وَمَا تَعْبُدُونَ } سادّ مسدّ الخبر لأن معناه فإنكم مع ما تعبدون. والمعنى فإنكم مع آلهتكم، أي فإنكم قرناؤهم وأصحابهم لا تبرحون تعبدونها، ثم قال ما أنتم عليه، أي على ما تعبدون { بِفَـٰتِنِينَ } بباعثين أو حاملين على طريق الفتنة والإضلال { إِلاَّ مَنْ هُوَ } ضال مثلكم. أو يكون في أسلوب قوله
فَإنَّكَ وَالْكِتَابُ إلَى عَلِيٍّ كَدَابِغَةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأَدِيمُ   
وقرأ الحسن «صال الجحيم» بضم اللام. وفيه ثلاثة أوجه، أحدها أن يكون جمعاً وسقوط واوه لالتقاء الساكنين هي ولام التعريف. فإن قلت كيف استقام الجمع مع قوله { مَنْ هُوَ }؟ قلت من موحد اللفظ مجموع المعنى فحمل هو على لفظه والصالون على معناه كما حمل في مواضع من التنزيل على لفظ من ومعناه في آية واحدة. والثاني أن يكون أصله صائل على القلب، ثم يقال صال في صائل، كقولهم شاك في شائك. والثالث أن تحذف لام صال تخفيفاً ويجري الإعراب على عينه، كما حذف من قولهم ما باليت به بالة، وأصلها بالية من بالي، كعافية من عافى. ونظيره قراءة من قرأوَجَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ } الرحمٰن 54،وَلَهُ ٱلْجَوَارِ المُنْشَآتِ } الرحمٰن 24 بإجراء الإعراب على العين.