الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } * { وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ } * { وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ }

{ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا } مما تولينا نحن إحداثه ولم يقدر على توليه غيرنا، وإنما قال ذلك لبدائع الفطرة والحكمة فيها، التي لا يصحّ أن يقدر عليها إلا هو. وعمل الأيدي استعارة من عمل من يعملون بالأيدي { فَهُمْ لَهَا مَـٰلِكُونَ } أي خلقناها لأجلهم فملكناها إياهم، فهم متصرفون فيها تصرف الملاك، مختصون بالانتفاع فيها لا يزاحمون. أو فهم لها ضابطون قاهرون، من قوله
أَصْبَحْتُ لاَ أَحْمِلُ السِّلاَحَ وَلاَ أَمْلِكُ رَأْسَ الْبَعِيرِ إنْ نَفَرَا   
أي لا أضبطه، وهو من جملة النعم الظاهرة، وإلا فمن كان يقدر عليها لولا تذليله وتسخيره لها، كما قال القائل
يُصَرِّفُهُ الصَّبِيُّ بِكُلِّ وَجْهٍ وَيَحْبِسُهُ عَلَى الْخَسْفِ الْجَرِيرُ وَتَضْرِبُهُ الْوَلِيدَةُ بِالْهَرَاوَى فَلاَ غِيَرٌ لَدَيْهِ وَلاَ نَكِيرُ   
ولهذا ألزم الله سبحانه الراكب أن يشكر هذه النعمة ويسبح بقولهسُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } الزخرف 13. وقرىء «ركوبهم» وركوبتهم. وهما ما يركب، كالحلوب والحلوبة. وقيل الركوبة جمع. وقرىء «ركوبهم» أي ذو ركوبهم. أو فمن منافعها ركوبهم { مَنَـٰفِعُ } من الجلود والأوبار والأصواف وغير ذلك { ومشارب } من اللبن، ذكرها مجملة، وقد فصلها في قوله تعالىوَجَعَلَ لَكُمْ مّن جُلُودِ ٱلأَنْعَـٰمِ بُيُوتًا } النحل 80 الآية، والمشارب جمع مشرب وهو موضع الشرب، أو الشرب.